مقدمة :
الحمد لله ]الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى[، والصلاة والسلام على إمام الهدي، المبعوث رحمة للعالمين، الهادي إلى الصراط المستقيم، الذي هو بالمؤمنين رءوف رحيم، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
لقد كرم الله تعالى الإنسان غاية التكريم ]وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً[ [الإسراء: 70].
وجاءت تشريعات المولى عز وجل لمزيد من التكريم. وقد خص النساء بتشريعات جليلة حفظاً لها ورفعة لمكانها.
إن المرأة قبل الإسلام لا تعدو أن تكون متاعاً من أمتعة الرجل، فجاء الإسلام وحظيت بكل حظ من حظوظ الرجال. فكفل لها الإسلام حق التعليم، والعمل، والمشاركة الاجتماعية، فكانت على عهد رسول الله e تخدم في الجيش، وتداوي المرضى، وتخرج ساعية في معاونة زوجها، أو تكسباً لأجل عيالها، وتمتهن الحرف اليدوية لأجل الصدقة والإنفاق في سبيل الله تعالى، وقبل ذلك كله قد فارقت مغارفة العصيان، وعمرت قلبها بالإيمان، وعفت نفسها عن مواضع الزلل ، فمدحهن المولى عز وجل غاية المدح فقال تعالى: ]فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ[ [النساء: 34].
فلما طال بالناس العهد، ونسوا حظاً مما ذكروا به، خرجت المرأة سافرة تخالط الرجال في كل موقع، وتترك رسالتها ومسئوليتها الأساسية، فلا هي ترعى النشء. ولا تعرف لبيت الزوجية حقاً، فانبرى لها بعض ممن لهم حمية للدين فمنعوا خروجها، وغالوا في ذلك حتى قالوا: لا تخرج المرأة إلا ثلاث مرات: من رحم أمها إلى الدنيا، ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى القبر.
فعدلوا عن الحق، فكان عليهم أن يستهدوا بهديه e وهو يتكلم عن حقوق النساء وما لهن وما عليهن كما جاء في صحيح مسلم ( وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون )([1]).
فقد بلغ رسولنا الأمانة وتركنا على المحجة البيضاء. لذا عمدت أن يكون بحث ـ عمل المرأة بين الاختيار والاضطرار ـ قائماً على نصوص الكتاب والسنة مستهديًا بهديه e. فرجعت إلى النصوص في مصادرها الأصلية، وطالعت الشروح المعتمدة فيها، وبينت بعض أقوال أهل العلم في خروج المرأة وعملها، فكان خلاصة ذلك هذا البحث.
.. وبالله التوفيق وعليه التكلان ..
المبحث الأول
المرأة بين الطبيعة والوظيفة
المطلب الأول: طبيعة المرأة:
لا شك أن طبيعة المرأة في خلقها تختلف عن طبيعة الرجل اختلافا كبيرا وأن هناك فروقا كبيرة بين الرجل والمرأة، قال الله تعالى ]وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى[ [آل عمران :36] وهذه الفروق، فروق خلقية (بيولوجية)، وفروق وظيفية (فسيولوجية) وهي فروق واضحة بلا شك، وهناك فروق نفسية وعقلية قد تختلف حولها الآراء.
وقد وجد أن الاختلافات بين الذكر والأنثى لا تنبع من الأنسجة والأعضاء فحسب، بل إنها ذات طبيعة أكثر عمقاً من ذلك، إذ توصل العلماء المختصون أن الأنثى تختلف اختلافاً كبيراً عن الذكر في كل خلية من خلايا جسمها، وقد وجد أن خلية الأنثى تحتوي في طرف منها على جسم كروي صغير لا يوجد في خلية الرجل، وهذا الجسم الكروي موجود في كل الخلايا، في الدم، والكبد، والقلب، والأمعاء وباقي الأنسجة، فثبت أن كل خلية من خلايا الأنثى تتميز عن خلايا الذكر بهذا الجسم الكروي([2]).
ومن الفروق التي أثبتتها بعض الأبحاث العلمية: أن المواليد الذكور أكبر حجماً بنسبة 4% من الإناث، وأطول منهن بنسبة 2%، وأثقل منهن بربع كيلوجرام تقريباً، وأن له قوة عضلية أكبر من قوة الأنثى، حيث لوحظ أن المولود الذكر يرفع رأسه أعلى من مستوى الأنثى، ويكون ذلك لفترة أطول،…
ولوحظ أيضاً أن الفروق الجسمية بين الجنسين قي الفترة من (12 ـ 15) سنة تكون واضحة أكثر حيث يكون الذكور أقوى جسماً من البنات، حيث تنمو عضلاتهم نمواً أسرع، ونتيجة لهذا الاختلاف لوحظ وجود اختلاف في حركات كل منهما، فلوحظ أن حركات الذكور تتميز بأنها شاقة وعنيفة، بينما تكون حركات الإناث أقل كماً وكيفاً([3]).
ويلاحظ أن الرجل يتفوق علي المرأة في قوة جسمه خاصة في الجزء الأعلى من جسمه حيث يمتاز باتساع الكتفين وقوة العضلات… بينما المرأة تتفوق على الرجل في الجزء الأسفل، حيث وهبها الله حوضاً قادراً على القيام بعملية الحمل والولادة، ووجد عموما أن كمية النسيج العضلي عند الرجل أكبر منه عند المرأة، وتقل قوة عضلات المرأة عن الرجل بنسبة 25%، فكثير من الدراسات أثبتت التباين بين خصائص الذكور والإناث([4]).
المطلب الثاني: وظيفة المرأة:
إن الاختلافات والفوارق بين الرجل والمرأة تحتم أن تكون وظيفة المرأة غير وظيفة الرجل، فالذكر الذي يمتاز بالقوة والصبر على المشاق، تكون وظيفته إعمار الأرض فيكد ويسعى فيها ليكتسب ويقوم بمتطلبات الحياة، وينفق على أهله ومن يعولهم.
أما المرأة بما هيأها الله بها من قدرة على الحمل والإنجاب، فإن وظيفتها الأساسية إعمار الأرض بحمل الذرية، وولادتها، ورعايتها حتى تكتمل دورة الحياة، فالكل ميسر لما خلق له.
ولا يناسب المرأة أن تقوم بوظائف الرجال، خاصة الأعمال الشاقة، وهي قد أعدت خلقياً ونفسياُ لوظيفة أساسية، ولو قامت المرأة بوظائف الرجال لأثر ذلك سلباً على وظيفتها الأساسية، فأظهرت بعض الدراسات أن الأعمال الشاقة المرهقة التي تقوم بها المرأة، تؤثر سلباً على الإخصاب والإنجاب، وأن النساء اللائي يبذلن جهداً كبيراً يتعرضن للاضطراب في الدورة الطمثية ويصبحن غير قادرات على الإنجاب، ويمكن أن تعود الخصوبة إلى وضعها الطبيعي بالتوقف عن الممارسة المجهدة. وقد نشرت منظمة الصحة العالمية شرق البحر المتوسط تقريراً يقول ( في جميع الأحوال لا يليق بالمرأة أن تعمل في المجالات التي لا تلائم طبيعتها، وأن تدخل في أي ضرب من ضروب الصناعة والحرف المهنية المضنية، فالمجالات التي تحسنه المرأة كثيرة ومتعددة كميدان التعليم والطب والتمريض والرعاية الاجتماعية والكتابة والنشر وبعض الوظائف غير المرهقة)([5]).
المطلب الثالث: طبيعة المرأة ووظيفتها في التشريع الإسلامي :
المتدبر لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية يجد هناك ما يشير إلى بيان طبيعة المرأة، وإلى تحديد أهم الوظائف التي تقوم بها في حياتها. فأعد الله تعالى المرأة إعدادا جسدياً، فمنحها الوعاء الذي يحفظ الجنين، وذودها بالهورمونات التي تهيئها لتقوم بعملية الحمل والإنجاب، وما يتبعه من إرضاع وغيره. قال الله تعالى ]حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ[ [لقمان: 14]، ]وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً [ [الاحقاف: 15] ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [ [البقرة 223].
كما تعد الحضانة والتنشئة من أعظم وظائف المرأة ومسئولياتها أخرج الإمام مسلم في صحيحه: عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي e أنه قال: ( ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها، وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنه،ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )([6]).
المطلب الرابع: العمل ضرورة إنسانية:
الناظر لمقاصد الشريعة الإسلامية الكلية يجد هذه المقاصد لا تتحقق إلا بالعمل، ومن هنا يصبح العمل ضرورة إنسانية، وينادي الخطاب الرباني كآفة الناس ]وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[ [التوبة: 105].
والإيمان الذي هو ركن العقيدة لا يصح إلا بالعمل، والله تعالى في كتابه الكريم يعقد الإيمان بالعمل في غالب آي القرآن الكريم ، وخطاب الله تعالى للعمل ، ليس للرجال فحسب بل هو للنساء أيضاً سواء مع الرجال ]فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ[ [آل عمران: 195].
المبحث الثاني
خروج المرأة بين الحظر والإباحة
يعد خروج المرأة للعمل من القضايا التي يدور حولها جدل في الفقه الإسلامي، وينقسم الفقهاء حول هذه الموضوع إلى فريقين، فريق يرى أن خروج المرأة محظور إلا في حالة الضرورة، بينما يرى الفريق الآخر أن تخرج باختيارها، ولا جناح في ذلك سواء كان للعمل أو لغيره. ويجتهد كل فريق في حشد الأدلة لتأييد ما يراه.
المطلب الأول: القائلون بحظر خروج المرأة:
يستند القائلون بحظر خروج المرأة على جملة من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، ومن هذه النصوص:
[1] قوله تعالى: ]وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[ [الأحزاب: 33]فيرى هذا الفريق أن عموم النساء مأمورات بهذا التوجيه. فيقول الإمام القرطبي في تفسيره لهذه الآية ( وإن كان الخطاب لنساء النبي e، فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء. كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والإنكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة )([7]).
[2] قوله سبحانه وتعالى ]وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ[ [الأحزاب: 53] فيحملون هذا الخطاب كذلك لسائر المؤمنات، فإن كن مأمورات بالاحتجاب على من يدخل عليهن، فكيف يخرجن لغير ضرورة.ومن أدلة أصحاب هذا القول من السنة النبوية مارواه الترمذي في سننه:
[1] عن عبد الله، عن النبي e قال:( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ) ([8]). وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله موثوقون([9]). [2] عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ e تَقُولُ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِى إِسْرَائِيلَ. قَالَ فَقُلْتُ لِعَمْرَةَ أَنِسَاءُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مُنِعْنَ الْمَسْجِدَ ؟ قَالَتْ نَعَمْ([10]). [3] عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي e فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال قد علمت انك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك، خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك،خير لك من صلاتك في مسجدي، قال فأمرت فبنى لها مسجد في أقصى شيء من بيتها، وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل([11]).قال ابن حجر: وإسناد أحمد حسن وله شاهد من حديث ابن مسعود عند أبي داود. ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل لتحقق الأمن فيه من الفتنة، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج، والزينة ومن ثم قالت عائشة ما قالت، وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقا([12]).
ظواهر هذه النصوص تدل على أن المرأة عليها لزوم بيتها، فقد جاء الأمر بالقرار في البيوت لنساء النبي e، وإن كان الأمر خاصا بهن، فإن سائر المؤمنات يدخلن فيه، فحديث:( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ) عام لكل النساء، والشريعة تمنع إظهار العورة وتأمر بسترها، فتمنع المرأة من الخروج، لأن في خروجها استشراف الشيطان لها، كما يدل حديث عائشة في منع النساء شهود الصلوات المكتوبات فإن من باب أولى خروجها لغيرها. أما خروج المرأة للضرورة فمباح ، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، إذ الضرورات تبيح المحظورات.
المطلب الثاني:القائلون بإباحة خروج المرأة :
[1] عن أبي موسى t قال بلغنا مخرج النبي e ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم، إما قال في بضع وإما قال في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي، فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي e حين افتتح خيبر، وكان أناس من الناس يقولون لنا يعني لأهل السفينة، سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي e زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء، من هذه ؟ قالت أسماء بنت عميس: قال عمر: آلحبشية هذه ؟ آلبحرية هذه ؟ قالت أسماء نعم. قال سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله e منكم، فغضبت وقالت كلا والله، كنتم مع رسول الله e، يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار، أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله، وفي رسوله e، و أيم الله لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله e، ونحن كنا نؤذى ونخاف وسأذكر ذلك للنبي e وأسأله، والله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد عليه.فلما جاء النبي e ، قالت يا نبي الله إن عمر قال كذا، وكذا، قال: فما قلت له ؟ قالت قلت له كذا، وكذا، قال ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان، قالت فلقد رأيت أبا موسى، وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا، يسألونني عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي e، قال: أبو بردة قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني([13]).
والشاهد في هذا الحديث أن أسماء بنت عميس خرجت زائرة حفصة أم المؤمنين، ولم ينكر عمر t عليها ذلك، بل أخذ يجادلها على سبيل الدعابة. وكذلك تصريحها بأن أصحاب السفينة يأتونها مما يدل على جواز لقاء الرجال والنساء
[2] عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: خرجت سودة بنت زمعة ليلا فرآها عمر فعرفها فقال إنك والله يا سودة ما تخفين علينا فرجعت إلى النبي e فذكرت ذلك له، وهو في حجرتي يتعشى وإن في يده لعرقا، فأُنْزِلَ عليه، فرفع عنه وهو يقول قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن)([14]).الحديث ظاهر في جواز خروج أمهات المؤمنين للحاجة، والتي هي أدنى من الضرورة، وهن المأمورات بالقرار في البيوت، فمن باب أولى أن تخرج سائر النساء لحاجتهن. بل أذن للنساء أن يخرجن لغير الحاجة، فإنها تخرج للمسجد، وخروجها للمسجد ليس من باب الحاجة، وقد نهي عن منعهن من الخروج المسجد، مع ما يعلم من أن صلاة النساء في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المسجد.
[3] عن سالم، عن أبيه، عن النبي e، ( إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها)([15]). [4] عن ابن شهاب قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله e يقول: (لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها) قال فقال: بلال بن عبد الله والله لنمنعهن قال فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته سبه مثله قط وقال أخبرك عن رسول الله e وتقول والله لنمنعهن([16]).وهكذا أنكر ابن عمر على ولده بلال رضي الله عنهم قوله لنمنعهن، مع علم ابن عمر رضي الله عنهما، من أن صلاة النساء في المساجد ليست واجبة، بل صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد .
المطلب الثالث: خروج المرأة بين الحظر والإباحة:
الناظر في النصوص التي تعالج خروج المراة، يتضح له أن البيت هو المكان الطبيعي للمرأة والموافق لفطرتها، الملائم لمسئوليتها، وإن أعظم وظيفة تقوم بها المرأة هي رعاية أبنائها بكل ما تحمل هذه الكلمة، من تربيتهم والمحافظة عليهم، ومراقبة سلوكهم، وتقويمهم، لتضيف للمجتمع جيلاً صالحاً. فرُبطت مسئولية المرأة بالبيت، فالنبي e يجعل البيت هو البيئة التي تمارس فيها المرأة مسئوليتها، فجاء في حديث عبد الله بن عمرt الذي أخرجه الشيخان، عن النبي e: ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)([17]).
وفي صحيح مسلم: ( والمرأة راعية على بيت بعلها )([18]).
فالأدلة التي استشهد بها القائلون بحظر خروج المرأة لا تعني حظر خروجها بالمرة، لأنه ثبت خروجها للحاجة وغيرها، فقرار المرأة ببيتها إنما لترعى مسئولياتها الجسام، ولذا حظيت بجزيل الثواب، فها هي الصحابية الجليلة أسماءبنت زيد بن السكن([19]) تستعرض مسئولية النساء بالبيوت، وتخرج لتسأل عن فضل قرارهن بها، فعنها رضي الله عنها ، أنها أتت النبي e ، فقالت إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي، وعلى مثل رأيي، إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنا بك واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوت، ومواضع شهوات الرجال، وحاملات أولادهم، وإن الرجال فضلوا بالجمعات، وشهود الجنائز، والجهاد وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله ؟ فالتفت رسول الله e بوجهه إلى أصحابه، فقال هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالا عن دينها من هذه؟ فقالوا بلى والله يا رسول الله، فقال رسول الله e: انصرفي يا أسماء وأعلمي من ورائك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته، يعدل كل ما ذكرت للرجال، فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر، استبشارا بما قال لها رسول الله e([20]).
وكون المرأة تلزم بيتها لتؤدي رسالتها المنوطة بها، فإن ذلك لا يمنع خروجها، والأدلة والشواهد التي ساقها من يقول بجواز خروجها ظاهرة في ذلك، ولكن قُيدَ خروج المرأة بالحاجة إلى الخروج، فقد أباح جمهور العلماء خروج المرأة لكل ما تدعو الحاجة إليه، وبينوا أن الله عز وجل من رحمته لم يحصر هذه الحاجات في أنواع محددة منصوص عليها، وإنما ترك ذلك حسب ما يوافق قواعد الإسلام الكلية، حيث إن الحاجات تتجدد بتغير الزمان والمكان([21]).
ويجوز للمرأة أن تخرج لأجل المشاركة الاجتماعية، كخروجهن للعرس، أو عيادة المريض، أو العزاء، فعن أنس بن مالك t، قال أبصر النبي e نساء وصبيانا مقبلين من عرس، فقام ممتنا، فقال اللهم أنتم من أحب الناس إلي([22]).
وقد ثبت أن أم الدرداء عادت رجلاً من أهل المسجد كان مريضاً، وترجم البخاري في صحيحه: ( باب عيادة النساء والرجال وعادت أم الدرداء رجلا من أهل المسجد من الأنصار) ([23]).
وخروج المرأة في هذه الأحوال ليس لأجل الحاجة، لان الحاجة في الشرع هي ما يحتاج إليه الإنسان لليسر والسعة واحتمال مشاق التكليف وبِفقدها يُصيب المكلف الضيق والحرج. وترك زيارة المريض، أو ترك المشاركة في العرس لا مشقة فيه، فيجوز للمرأة أن تخرج لغير الحاجة لتحقيق المقاصد النبيلة التي يقرها الشرع، والرسول e أعجب بنساء الأنصار وهُنَّ راجعات من العرس فقام لهن وأثنى عليهن.
والظاهر أن خروج المرأة يدور على الأحكام الشرعية الخمسة، فتخرج وجوباً للضرورة، وللواجب كطلب العلاج، وخروجها لأداء فريضة الحج، وتخرج استحباباً، كخروجها للمصلى يوم العيد، ويكون خروجها مباحاً إذا خرجت لمباحٍ وأُمنت فتنتها، ويكره خروجها لغير حاجة أو قصد شرعي مع احتمال الفتنة، ويحرم إذا خرجت لحرام، أو كان في خروجها فتنة للرجال.
المبحث الثالث
مقاصد عمل المرأة والخروج له بين الاضطرار والاختيار
نبدأ هذا المبحث بطرح سؤال، وهو: ما المقصد من خروج المرأة للعمل؟
فمقاصد خروج المرأة للعمل عديدة، فالمرأة قد تخرج مضطرة للعمل لتتكسب وذلك في حالة فقد العائل أو انعدامه، وقد تخرج المرأة عاملة لأجل الحاجة، بحثا عن السعة وذلك في حالة ضعف العائل، وقلة موارده مما يوقع أسرته تحت حالة من الضيق والحرج وهذه مقاصد خاصة ، وقد تكون المقاصد عامة كالقيام ببعض الواجبات التي لا يمكن أن يقوم بها إلا النساء، مثل تعليمهن ، وتطبيبهن ، والرعاية الاجتماعية للنساء والفتيات.
المطلب الأول: ضرورة واضطرار المرأة للعمل:
مسئولية الإنفاق في الإسلام هي مسئولية الرجل، زوجاً كان، أم أباً، أم أخاً، ولو عجز الزوج أو الأب أو الأخ عن النفقة، للزم الزوجة أو البنت أو الأخت أن تنفق على نفسها أو عيالها، ولها أن تخرج بحثاً عن الرزق، وقد تكون مضطرة إلى ذلك إذا تعلق الأمر بحفظ نفسها، وحفظ من تعول، وحفظ النفس أحد الضرورات الخمس، فإذا تعلق حفظ نفسها بخروجها، وجب عليها الخروج، ولذا لم ينكر النبي e خروج المرأة لأجل إطعام نفسها ومن تعولهم.
فعائشة زوج النبي e قالت جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة ، فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئا ثم قامت فخرجت وابنتاها فدخل على النبي e فحدثته حديثها، فقال النبي e: (من ابتلى من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار)([24]).
فمدح رسول الله e صنيعها لابنتيها بالرغم من كسبها عن طريق السؤال، فكيف إذا خرجت لتكتسب من عملها ؟ فلا شك أن إحسانها يكون أكبر لابنتيها إذا أطعمتهما من الكسب الحلال الطيب، بدلاً من سؤال الناس والأكل من الصدقة([25]).
فإذا اُضطرت المرأة للعمل، وجب عليها الخروج ، وقد ذكر ابن القيم قولاً للشافعي في حالة عجز الزوج عن الإنفاق، فقال: ليس لها أن تفسخ ــ عقد الزوجية ــ، لكن يرفع الزوج يده عنها لتكتسب([26]).
وبهذا قال فقهاء الحنفية، جاء في كتاب البحر الرائق، لو كان للمعسر أولاد صغار ولم يقدر على إنفاقهم تجب نفقتهم على من تجب عليه لولا الأب كالأم([27])، وعليه تخرج للعمل لأجل النفقة، لأن خروجها أصبح من باب الاضطرار والضروة،
المطلب الثاني: حاجة المرأة للعمل:
الحاجة في اللغة: هي المأرب وما يُفْتَقَر إليه([28]).
وفي الاصطلاح: هي ما يحتاج إليه الإنسان لليسر والسًعة واحتمال مشاق التكليف وأعباء الحياة، وبفقدها لا تختل الحياة، ولا يعمها الفوضى، ولكن يصيب الناس فيها الضيق والحرج([29]).
والمقصود بحاجة المرأة للعمل أي افتقارها إليه دفعاً للمشقة، وجلباً للسعة واليسر، ولما أُبيحَ خروج المرأة للحاجة، فإنه يباح لها أن تخرج لتعمل لأجل حاجتها، فعن جابر t يَقُولُ طُلِّقَتْ خَالَتِى فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ فَأَتَتِ النَّبِىَّ e فَقَالَ « بَلَى فَجُدِّى نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِى أَوْ تَفْعَلِى مَعْرُوفًا »([30]).
وهذا الحديث ظاهر على جواز خروج المرأة لتعمل لأجل حاجتها، قال النووي في شرح مسلم: هذا الحديث دليل لخروج المعتدة البائن للحاجة، ومذهب مالك، والثوري، والليث والشافعي، وأحمد وآخرين، جواز خروجها في النهار للحاجة، وكذلك عند هؤلاء يجوز لها الخروج في عدة الوفاة ،ووافقهم أبو حنيفة في عدة الوفاة ،وقال في البائن لا تخرج ليلا،ولا نهارا([31]).
فلو جاز للمعتدة أن تخرج للحاجة، فمن باب أولي أن تخرج غير المعتدة. ومن الصور التي تحكي جواز خروج المرأة للحاجة، خروجها لمعاونة زوجها تخفيفاً عليه .
فاخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال، ولا مملوك ، ولا شيء، غير ناضح، وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأستقي الماء، وأخرز غِرَبَةُ، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله e على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله e، ومعه نفر من الأنصار، فدعاني، ثم قال: أخ أخ ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله e أني قد استحييت، فمضى. فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله e وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه، وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني([32]).
ها هي أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما، تخرج معاونة لزوجها الزبير t، إذ لم يكن له مال أو خادم يخدم له، فتخرج زوجته لتتحمل مشاق العمل وتحمل على رأسها، وزوجها الغيور لا يمنعها، ورسول الله e الأغير منه على أمته لا ينكر عليها.، بل يدعوها ليحملها تخفيفاً عليها.
ومعاونة النساء الرجال معروفة، فالبنت تعاون أباها أو أمها، فهذه ابنة أخ أو أخت ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها، تخرج لترعى الغنم،وتجد ما تجد من المشقة، حتى يرى رسول الله e أن تُفْدَى بجارية أرادت أن تعتقها.
أخرج النسائي في السنن الكبرى: عن الهلالية([33]) التي كانت عند رسول الله e أنها كانت لها جارية سوداء فقالت يا رسول الله إني أردت أن أعتق هذه فقال رسول الله e أفلا تفدين بها بنت أخيك أو بنت أختك من رعاية الغنم([34]).
إن دواعي خروج المرأة للعمل في هذا العصر كثيرة والحاجة إليه غدت ملحة، حيث تعقدت أشكال الحياة وأنماطها، فليس الدافع للكسب هو الملبس والمسكن والمطعم فقط، هناك الكثير الذي أُدخلَ في قائمة الحاجات، كالتعليم والصحة وجملة من الخدمات، فالإنفاق على التعليم يفوق في بعض الأحيان الإنفاق على المأكل والملبس، وكذلك الإنفاق على الصحة، وخدمات الانتقال والاتصال، كل ذلك أصبح من الحاجات لأجل السَعَة واليُسر، والتي بفقدها يقع الناس في الضيق والعسر. فإن العائل وحده، زوجاً كان أو أباً أو أخاً، يعجز عن تحقيق كآفة الاحتياجات، إلا أن يكون من ذوي السَعَةِ واليَسَار، أما غالب الناس وأوسطهم، يحتاجون إلى من يُعاونهم في الإنفاق.
المطلب الثالث: اختيار المرأة للعمل:
المقصود باختيار المرأة للعمل، أي عدم اضطرارها له أو الحاجة إليه، بمعنى أنها لو تركت العمل، لا يصيب دنياها الخلل والاضطراب، أو الضيق والحرج ، فهل يجوز للمرأة أن تخرج لتعمل من غير حاجة ؟
الأدلة التي تناولت خروج المرأة حظراُ وإباحة قصدت بمجملها جلب المصالح ودرء المفاسد، وهذا ظاهر في خروج المرأة للعمل للضرورة والحاجة .
أما اختيارها للخروج من غير حاجة أو ضرورة، فإنه يتطلب الموازنة بين المصالح والمفاسد، فالفقه كله يرجع إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد، بل قد يرجع الكل إلى اعتبار المصالح فإن درء المفاسد من جملتها([35]).
فينظر هل من مصلحة في خروجها فمتى ما ثبتت المصلحة جاز الخروج ، ومتى ما انتفت بقيت بالبيت.
وعلى هذه القواعد تندرج صور كثيرة لخروج المرآة للعمل، وحديث خالة جابر t يصلح للاستشهاد هنا أكثر من كونه دليلاً لخروجها للحاجة، لقوله e لها: (فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا )([36])، لأن الصدقة، أو فعل المعروف ليس من الضروري أو الحاجي في الدين، ولكنه يمثل الجانب التحسيني منه، فأبيح لها أن تعمل لأجل أن تتصدق، وتُنْفِق في سبيل الله، فعن عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: « أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِى أَطْوَلُكُنَّ يَدًا ». قَالَتْ فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا. قَالَتْ فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ لأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ([37]).
فالحديث دليل، على جواز العمل للمرأة من غير ضرورة أو حاجة.
المطلب الرابع: مقاصد عمل المرأة المتعلق بالمصالح العامة:
هناك مصالح عامة لا تتحقق إلا بعمل المرأة،فإن كانت المرأة تحتاج للعمل، فبعض الأعمال تحتاج إلى المرأة، وتقع هذه الأعمال تحت فروض الكفاية والفروض الكفائية في مجال عمل المرأة، هي تلك الأعمال التي تفرضها حاجة المجتمع المسلم على مجموع النساء، وقد تقع هذه الأعمال موقع الضرورة ، وذلك مثل توليد النساء، فوجود طبيبة التوليد فرض كفائي على مجتمع النساء، وهو ضرورة من الضرورات، لأن النساء اللائي يضعن أولادهن من غير إشراف طبيب قد يتعرضن للموت، ولذا يجب على بعض النساء ممارسة الطب والخروج له وتعلمه، وإن أحسنت النساء القيام بذلك انتفت ضرورة مباشرة الرجال تطبيب النساء.
إن الأعمال التي يحتاجها مجتمع النساء كثيرة فإضافة إلي التطبيب، والتمريض، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، وإن كانت هذه الأعمال مما يقوم بها الرجال، ولكن من الأفضل أن تقوم بها النساء إذا كانت مقدمة لجنسهن، خاصة أن بعض النساء قد أعطاهن الله تعالى مواهب و قدرات وملكات عالية، فيُحْسِنَّ وجوها من العمل أكثر من الرجال كرعاية المسنين، وحضانة الأطفال، وتدبير المنازل([38]).
المبحث الرابع
معالم و ضوابط عمل المرأة
أعرض في هذا المبحث أهم المعالم التي يجب أن تستهدي بها المرأة في عملها ليكون لعملها ثمرة تجتنيها، وغاية صالحة تسعى لها ومنفعة لمجتمعها، ولا يتحقق ذلك إلا بموافقة مقاصد الشريعة من جلب للمصالح ودرء للمفاسد. كما أذكر الضوابط الشرعية التي بجب الالتزام بها.
المطلب الأول: معالم في عمل المرأة:
المعالم التي يجب أن تستهدي بها المرأة في عملها كثيرة ولكن يمكن إجمالها في الآتي:
[1] صلاح العمل :
يعتبر صلاح العمل أعظم المعالم، التي يجب أن يستهدي بها المسلم رجلاً كان أم امرأة، فينظر هل عمله هذا من قبيل العمل الصالح الذي يجلب الخير له، وللإنسانية، أم أنه غير ذلك، فالله تعالي لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحاً، فيُجَازِي بالإحسان أهله، فيقول الله تعالى: ]فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ[ [آل عمران: 195].
[2] موافقة العمل لطبيعة المرأة:
ليس كل عمل يصلح أن تمارسه النساء، فهناك بعض الأعمال لا تتوافق مع طبيعة المرأة البدنية أو النفسية، فعلى المرأة أن لا تختار الأعمال الشاقة المضنية التي لا تلائم طبيعتها ، كالعمل في المناجم للتنقيب، أو أعمال البناء، وذلك لأن الأعمال الشاقة تؤثر سلباً على وظيفة المرأة الأساسية([39]).
فعلى المرأة أن تختار عملاً يمكنها من القيام بوظيفتها فلا تخل بحقوق الزوج إن كانت زوجة، أو بحقوق أبنائها، أو بحق نفسها عليها، فإن كان العمل يجهد بدنها، أو يذهب بجمالها فليس لها أن تختاره، جاء في صحيح البخاري في حديث أبي الدرداء وسلمان (إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه)([40]).
[3] موافقة العمل لمقاصد الشريعة:
من أبرز المعالم في عمل المرأة أن يكون موافقاً لمقاصد الشريعة من تحقيق للمصالح ودفع للمفاسد، فمتى ما وقع عمل المرأة وفق هذه المقاصد، كان مطلوباً، لأن الأحكام الشرعية إنما شرعت لجلب المصالح أو درء
المفاسد([41]).
وعلى المرأة أن تراعي مع ذلك تعارض المصالح والمفاسد، وإخضاع، عملها وخروجها لقواعد الفقه الكلية خاصة ما يتفرع عن قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار)([42]) كقاعدة:الضرر يزال، والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، وقاعدة إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما، ونظيرها قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فإذا تعارض مفسدة ومصلحة قدم دفع المفسدة غالبا لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات([43]).
فمتى ما رُوعيت هذه القواعد في عمل المرأة، وتحققت به المقاصد، فإنه يطلب ولا يحظر.
المطلب الثاني: ضوابط عمل المرأة :
إذا كان الإسلام قد أباح للمراة المسلمة أن تخرج من بيتها لتمارس مهنة تكتسب منها، فإنه قد وضع ضوابط، ألزم المرأة التقيد بها،وذلك حتى لا تفوت مصلحة العمل، بمفسدة الخروج غير المنضبط، وأقصد بالضوابط تلك الأحكام التي شرعت في حال خروج المرأة من البيت، وملاقاة الأجانب من الرجال، وتلك الآداب والقيم التي يحث عليها الدين.
ومن الأحكام التي يجب أن تراعيها المرأة في حال خروجها للعمل:
[1] الالتزام باللباس الشرعي للعمل:
يجب على المرأة المسلمة أن تلتزم باللباس الشرعي في حال خروجها للعمل، فإن كان هذا الخروج يجمعها بالرجال الأجانب، فعليها التقيد بما جاء في قوله تعالى ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[ [الأحزاب: 59].
ويعني ذلك أن تغطي المرأة جميع بدنها بثوب لا يصف بدنها ولا يشف ما تحته، وجاء في تفسير هذه الآية أن الله أمر رسوله e أن يأمر أزواجه وبناته وسائر المؤمنات بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وعلى المرأة أن تستر عورتها، فالمرأة عورة كلها إلا الوجه والكفين على قول أكثر أهل العلم([44]).
[2] منع الخلوة بالرجال :
تتقيد المرأة وهي تمارس عملها، بضوابط الشريعة، ولقد حرم الإسلام الخلوة بين المرأة والرجل، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي e يقول لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم فقام رجل فقال يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة قال: (اذهب فحج
مع امرأتك)([45]).
فلا يجوز لامرأة أن تمارس عملاً يجعلها في خلوة مع رجل،فالنهي في الحديث للتحريم، ولا يُقصد بذلك اجتماع رجال ونساء في مكان عمل واحد، ولا رجل وامرأة يعملان في مكان ما، إذا كان ذاك المكان عاماً، يطلع فيه الناس بعضهم على بعض، فالخلوة المقصودة هي التي يأمن قيها كل من الرجل والمرأة عدم الإطلاع عليهما، فلا جناح في وقوعها إن أُمنت الفتنة، أحرج البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك t، قال جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي e، فخلا بها فقال: (والله إنكم لأحب الناس إلي)([46]).
قال ابن حجر في شرح الحديث (أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يُخافت به، كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس)([47]).
[3] الابتعاد عن الزينة المحرمة:
من الأحكام التي يجب أن تراعيها المرأة، حال خروجها للعمل ابتعادها عن الزينة المحرمة لقول الله تعالى ]وقُلْ للمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا[ [النور: 31].
ولقد حرم الله تعالى إبداء المرأة صوراً كثيرة ً من الزينة للرجال الأجانب، ومن هذه الصور:
[أ] إبداء زينة البدن سواءً بكشفه، أو بلبس ثوب يشف عنه ،أو يصفه . [ب] خروج المرأة متعطرةً، فأحكام الدين نهت المرأة أن تخرج لملاقاة الرجال متعطرة.فعن أبي موسى t عن النبي e قال: ( كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية )([48]).
و عن أبي هريرة قال، قال رسول الله e : ( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة )([49]).
[ج] الكف عن النمص، وما يشاكله من قبيل تغيير خلق الله، مما نهت الشريعة عنه. [د] أن لا يشابه زي العمل للمرأة أزياء الرجال، وحسناً فعلت، كثير من المؤسسات التي كان لها نظام زي موحد للرجال والنساء، أن جعلت زي العاملة في المؤسسة زي نسوي لا يشبه أزياء الرجال.كانت تلك أهم الضوابط التي يجب أن تتقيد بها المرأة وهي تخرج للعمل، مراعية بذلك مقاصد الشريعة .
نشر في:
مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية الـعـــدد الثامن عشر 1430هـ ـــ 2009م
الحاشية:
(é)أستاذ مساعد، رئيس قسم الدراسات الإسلامية ـ كلية القرآن الكريم بالجامعة.
([1]) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسالم ، ( انظر صحيح مسلم، دار التراث العربي، بيروت، 2 / 890.
([2]) انظر: وظيفة المرأة في المجتمع الإنساني،علي القاضي، ط 1، 1984، مؤسسة الشرق للنشر والترجمة، قطر، ص 15.
([3]) انظر: علم النفس التربوي في الإسلام، الدكتورة شادية أحمد التل، ط 1، 1425 هـ ـ 2005 م، دار النفائس، الأردن، عمان، ص 105. وانظر الحقوق التعليمية للمرأة في الإسلام من واقع القرآن والسنة، الدكتورة منى علي السالوس، مرجع سابق، ص 103.
([4]) انظر: علم النفس التربوي في الإسلام، الدكتورة شادية أحمد التل، ط 1، 1425 هـ ـ 2005 م، دار النفائس، الأردن، عمان، ص 105. وانظر الحقوق التعليمية للمرأة في الإسلام من واقع القرآن والسنة، الدكتورة منى علي السالوس، مرجع سابق، ص 103.
([5]) انظر: قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة، محمد الغزالي، ط 1، 1410 هـ ـ 1990 م، دار الشروق، القاهرة، م 39 ـ 40.
([6]) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، 3/1458.
([7]) انظر: تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن )، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري، القرطبي، دار الشعب، القاهرة، 14 / 179.
([8]) أخرجه الإمام الترمذي في كتاب الرضاع، باب كراهية الدخول على المغيبة، حديث رقم ( 1179 ) وقال حسن غريب. ( انظر: سنن الترمذي ، دار التراث العربي، بيروت، 3 /476.
([9]) انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لعلي بن أبي بكر الهيثمي،: دار الريان للتراث/دار الكتاب العربي – القاهرة , بيروت –1407 هـ، 2 / 34.
([10]) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ، في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة، حديث رقم: (442 )، ( انظر صحيح مسلم، دار التراث العربي، بيروت، 1 / 329.
([11]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أم حميد، حديث رقم ( 27135)،.(انظر مسند الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر، 6 / 371.، جاء في مجمع الزوائد: ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن سويد الأنصاري وقد وثقه ابن حبان وأورده في الثقات ( انظر مجمع الزوائد للهيثمي 2 / 34.وانظر: ثقات، لمحمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي،: تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، الطبعة: الأولى، دار الفكر – 1395 – 1975، 5 / 59.
([12]) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ ابن حجر، دار المعرفة، بيروت ، 2 / 349.
([13]) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ( انظر صحيح البخاري 4 / 1546.
([14]) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب النكاح باب خروج النساء لحوائجهن (انظر: صحيح البخاري 5 / 2006.
([15]) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الصلاة، باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره،( انظر: صحيح البخاري 5 / 2007.
([16]) أخرجه مسلم قي صحيحه، في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة (انظر: صحيح مسلم 1/326.
([17]) أخرجه البخاري في صحيحه ،في كتاب الصلاة، باب الجمعة في القرى والمدن، ( انظر: صحيح البخاري 1/ 304.
([18]) أخرجه مسلم قي صحيحه، في كتاب الإمارة ، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم ، انظر: صحيح مسلم 3 / 1458.
([19]) هي أسماء بنت زيد بن السكن الأنصارية أحد نساء بني عبد الأشهل هي من المبايعات وهي ابنه عمة معاذ بن جبل تكنى أم سلمة وقيل أم عامر مدنية كانت من ذوات العقل والدين ( انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ليوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، تحقيق: علي محمد البجاوي، ط 1،، دار الجيل – بيروت، 1412هـ.
([20]) أخرجه البزار، بإستاد ضعيف، وله شواهد وطرق أخرى تقويه ( انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لعلي بن أبي بكر الهيثمي، دار الريان للتراث/دار الكتاب العربي القاهرة , بيروت – 1407هـ،
4 /305.
([21]) انظر: المرأة المسلمة بين فقه القرار وضوابط الخروج، الدكتور طه عابدين، ط 1، دار الأندلس، 1425هـ، 2004 م، حائل، ص 71.
([22]) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب النكاح ، باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس.( انظر صحيح البخاري 5 / 1985.
([23]) انظر: صحيح البخاري 5 / 2140.
([24]) أخرجه مسلم قي صحيحه، في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات (انظر صحيح مسلم، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، 4 / 2027.
([25]) انظر: تحرير المرأة في عصر الرسالة، لعبد الحليم أبو شقة، ط 1، 1410 هـ ــ 1990 م، دار القلم للنشر والتوزيع، الكويت، 2 / 360.
([26]) انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي،، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ط 14، 1407 هـ، مؤسسة الرسالة – مكتبة المنار الإسلامية – بيروت – الكويت. 5 /513.
([27]) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لزين الدين ابن نجيم الحنفي، ط 2، دار المعرفة – بيروت،
4 / 202.
([28]) انظر: لسان العرب، لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، ط 1 ، دار صادر، بيروت،
2 /242.
([29]) انظر: أصول الفقه، لعبد الوهاب خلاف.
([30]) أخرجه مسلم، في كتاب الطلاق، باب جواز خروج المعتدة البائن والمتوفي عنها زوجها في النهار لحاجتها. انظر: صحيح مسلم 2/1121.
([31]) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي، لأبي زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، ط 2 ، 1392 هـ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 10 /108.
([32]) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب النكاح، باب الغيرة، وقال وراد عن المغيرة قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فقال النبي e أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني. انظر: صحيح البخاري 5 / 2002.
([33]) الهلالية: هي ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها ( انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، تحقيق: محب الدين الخطيب، طبعة دار المعرفة، بيروت 5 / 219.
([34]) أخرجه النسائي في فضل العتق ، باب فضل العطية على العتق، والحديث له شواهد تقويه ( انظر: السنن الكبرى، للإمام أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، ط 1، دار الكتب العلمية،1411هـ ـ 1991 م ، بيروت، 3/ 178.
([35]) انظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ط 1، 1403 هـ، دار الكتب العلمية – بيروت. 1 / 8.
([37]) أخرجه الإمام مسلم في فضائل الصحابة، باب فضل زينب أم المؤمنين رضي الله عنها، حديث رقم (6470 ). انظر: صحيح مسلم 4 / 1907.
([38]) انظر: تحرير المرأة فعصر الرسالة،عبد الحليم أبوشقة، ط 1، 1410 هـ ــ1990 م، دار القلم للتوزيع والنشر، الكويت 2/362.
([39]) راجع مبحث: طبيعة المرأة ووظيفتها في التشريع الإسلامي، من هذا البحث.
([40]) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم ، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له. انظر: صحيح البخاري 2/ 694.
([41]) انظر: الموافقات في أصول الفقه، للشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي، تحقيق عبد الله درار، طبعة دار المعرفة، بيروت، 1 / 195.
([42]) القاعدة أصلها حديث النبي e: (لا ضرر ولا ضرار).
([43]) انظر: الأشباه والنظائر، للحافظ السيوطي، ط 1، 1403، دار الكتب العلمية بيروت، 1 /87.
([44]) انظر: تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، طبعة دار الشعب، القاهرة، 7 / 183.
([45]) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة وكان له عذر هل يؤذن له. ( انظر: صحيح البخاري 3/1094 ) وأخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الحج ، باب ما يقول الرجل إذا ركب لسفر الحج وغيره، ( انظر: صحيح مسلم 2 / 987).
([46]) أخرجه البخاري، في صحيحه، في كتاب النكاح، باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس، (انظر: صحيح البخاري 5 / 2006 ).
([47]) انظر: فتح الباري، شرح صحيح البخاري، 9 / 333.
([48]) أخرجه الترمذي في السنن، في كتاب الأدب، باب ما جاء في كراهية المرأة متعطرة، حديث رقم (2786) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ( انظر: سنن الترمذي 5/106).
([49]) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة ( انظر: صحيح مسلم 1/328 ).
Share this content: