مفهوم الثقافة..

 مفهوم الثقافة

إذا ما تتبعنا الاستعمالات التي أوردها المفكرون العرب لمفهوم الثقافة والألفاظ المشتقة منه مثل ثقف، وثقاف، ومثاقفة، لتبين لنا أن هذه الاستعمالات تتصل بدلالات ذات ارتباط- وفقا لمقتضى الحال- بالتقنية، والتسوية، والتشذيب، والتهذيب، والتأديب، وغير ذلك من ألفاظ مشابهة، فقد ورد في لسان العرب أن الشخص الثقف،  اوالثفيف،  هو الثابت المعرفة بما يحتاج إليه، (ابن منظور،1956)

كما ورد في البيان والتبيين عند الجاحظ إن لفظ تثقيف له دلالة تتضمن التلقين المعرفي والتهذيب السلوكي معا، البيان وتقابل دلالة الهوج تقابل التضاد…(الزعبي، 1999)

وقد أورد ابن قتيبة في عيون الأخبار دلالة تفيد بان عملية الثقافة تدل على تخليص الشيء وتنقيته من خبثه وكدورته، مثلا يخلص المعدن من الرغام.(الدنيوري، – 19)

كما استعمل التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة لفظ مثاقفة ليدل على مطارحة ألوان المعارف والمناقب بين ثقفين، بحيث تعود محصلة تثاقفهما تحصيل الفائدة المعرفية والسلوكية لكليهما.(التوحيدي،- 19)

كما نجد أن ابن حزم قد استعمل في التقرب إلى حد المنطق عبارة ثقاف العقل بدلالة يفيد تخليص العقل من الخلط الحاصل في فهمه، على أساس نبذ الأساليب غير البرهانية فيه، وهو عين ما استعمله الغزالي في معيار النظر أي تهذيبه وإقامته على البرهان. (الفيروز أبادي، 1952)

يستفاد من محصلة هذه الاستعمالات وغيرها، أن العرب قد عرفوا مفهوم الثقافة والألفاظ المشتقة منه، بما له من خصوصية، وبالدلالة التي تعني تخليص الشيء من خبثه وكدورته أو تسويته وتشذيبه، أما حين يتعلق بالأشخاص فهو يعني التهذيب والتأديب كما يربط الناحيتين المعرفية والسلوكية معا من غير تفكك، ومن درجة سوية معتبرة وعليه، يتعلق المعنى بتصقيل النفس بالعلوم النافعة، وتصفيتها بالأخلاق الحميدة. الأمر الذي يستدعى المعايرة والتقويم. وبهذا يتبين أن المفهوم في أصله معروف عند العرب حتى في دلالته المتطورة، وانه ليس كما ساور الظن بعض الباحثين، منحدرا إلى العربية من لفظة (Culture) الإنجليزية.

وعلى سبيل المقارنة فقد انحدر لفظ (Culture) في الإنجليزية من لفظ(Cultus) اللاتيني، الذي يفيد في أصله، العبادة والولاء التبجيلي، ثم تطور معنى اللفظ ليستعمل في الدلالة على زراعة التربة أو استنباتها، ثم ليتطور المفهوم في وقت لاحق ليدل على عملية نماء العقل والخلق، أو كما جاء في قاموس وبستر بأن الثقافة تعنى التعليم والتهذيب الأخلاقي. (Webster,1991)

وهذا قريب مما استعمل في العربية مع أخذ الفارق، في أصل الاشتقاق والاستعارة، وطبيعة المضمون بين الحضارتين العربية والغربية، بعين الاعتبار، بالعربية مثلا كما هو واقع حالها كانت تعطي للجانب الأخلاقي أهمية كبيرة لم تعرفها النظرة الغربية.

ومع أن مدلول الثقافة قد عولج حديثا بشمولية وعمق على أيدي علماء الاجتماع، إلا إنهم ذهبوا في تحديد مدلوله إلى الناحية الوصفية، انسجاما مع النظرة الوضعية التي حكمت أبحاثهم، وهذا ما تأثر به العرب المعاصرون. شأنهم شأن غيرهم من الباحثين المعاصرين، فأصبح بداً على كافة ما ينتجه الإنسان من معارف وقيم، أصبحت الثقافة تعنى تلك السمة التي يتميز بها شعب عن آخر في كافة معتقداته ومنتجاته، وهذا صحيح من ناحية، وضمن معيار معين، لكنه لا يعطي مدلول الثقافة حقه من الديناميكية والفاعلية، الأمر الذي أفقد مفهوم الثقافة تلك الخصوصية المفترضة، لا سيما في تحقيق الناحية المعيارية.(الزعبي، 1999)

إن الثقافة هي ذلك المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة، والمعتقد، والفن، والأدب،  والأخلاق، والقانون، والعرف، والقدرات، والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في مجتمع، وبهذا فقد بقى مفهوم الثقافة عند حد الوصف جزاء هاما من دلالته المعيارية.

إن هذا التصور دعا بعض الباحثين إلى مراجعة الأمر، والالتفاف إلى ديناميكية المفهوم واتصاله بالناحية المعيارية، حيث قدم (ملينو فسكي) تعريفا ينص على أن الثقافة جهاز فعال ينتقل بالإنسان إلى وضع أفضل، وضع يواكب المشاكل الخاصة التي تواجه الإنسان في هذا المجتمع أو ذاك في بيئته وفي سياق تلبيته لحاجاته الأساسية.(الزعبي، 1999)

قد تستخدم لفظة الثقافة لتمييز ميادين ذهنية ومادية مختلفة فنقول ثقافة سياسية، وثقافة بدنية، أو لتحديد مكانه اجتماعية، إلى غير ذلك، لذا تتباين التعريفات المعرفة للثقافة وتختلف حسب الأهمية التي تعطيها للفعل أو للنشاط الثقافي، وحسب اتساع المفهوم أو ضيقة. وثمة ميزة للثقافة يمكن الإشارة إليها وهي تطورها بفعل عامل الزمن. فالبيئة المادية تتغير بالحركة الطبيعية للناس من المكان الآخر، كما تتغير الظروف الاجتماعية بتغير حجم الجماعة أو بتغير اتصالها بجماعات أخرى، وباختصار، قد تصبح الثقافة أقوى أو أضعف بفعل عامل الزمن. والعوامل التي تعزز هذه الثقافة أو تضعفها. فكلما كبر عدد الأفراد الذين يحملون ملامح الثقافة تعاظمت فرص هذه الثقافة في البقاء. ويتم اصطفاء الثقافة على أساس تكيفها مع البيئة، وبمقدار ما تساعد أعضاءها في الحصول على ما يحتاجون وفي تجنب ما هو خطر، فإنها تساعدهم على البقاء ونقلها، مع ملاحظة إن هذه الممارسات الثقافية المكتسبة يمكن انتقالها إلى الثقافات الأخرى.

أما مالك بن نبي فيحاول تجاوز هذا النوع من العلاقة بين الجانب المادي والاجتماعي للثقافة من خلال رؤية اشمل لمحددات الثقافة حيث يشير في كتابه (مشكلة الثقافة) إلى أن الثقافة هي التركيب العام لتراكيب جزئية أربعة هي الأخلاق والتي تحدد السلوك الاجتماعي، والجمال الذي يحدد أسلوب الحياة، والمنطق العملي الذي يحدد العناصر المتحركة كالحركة والنشاط والتي تحدد فعالية المجتمع. وأخيرا الصناعة وهو العنصر المادي المرتبط بعالم الأشياء في المجتمع.(مالك بن بني, 1981)

هذه الرؤية البعيدة عن مفهوم الفصل بين الجانب المادي والاجتماعي يؤكدها شريعتي في كتابه العودة إلى الذات حيث يعرف الثقافة بأنها: مجموع المصنوعات المعنوية لأمة ما أعدت وتشكلت على طول التاريخ. وللثقافة علاقة مباشرة مع الحتمية التاريخية والبنية لمجتمعه. (شريعتي، 1977)

أهمية هذا التعريف الذي يطرحه شريعتي يكمن في تحديده لنوع العلاقة بين الثقافة والهوية (أو الشخصية) ذلك أن صلة الثقافة تفرض الخبرة والميل وتصنع القسمة وتحدد المزاج وكلها جوهرية في البناء الأساسي للشخصية لذلك نجد انه يعرف الذات بأنها ليست إلا تجلي ثقافة المجتمع في الوجدان الفردي. وشخصية الفرد الذاتية هي مجموعة الخصائص المعنوية التي ربيت داخلها حتميته التاريخية وبنيته الاجتماعية. وهذا ما يؤكده مالك بن نبي في تعريف آخر له للثقافة حيث يقول بأنها: ” مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعوريا العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه” نجد أنها ( أي الثقافة) هي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته. ( مالك بن بني, 1981)

في ظل هذا الاستيعاب للثقافة ودورها، الذي لا يقف عند الدلالات الوصفية، لابد لنا من اقتراح تعريف أكثر دقة وجدوى، لان الثقافة بالاعتبار الذي انتهينا إليه، تشكل المحرك الداخلي للوعي الجماعي في مجتمع ما لإنتاج حضارة متطورة… وتبعا لذلك يمكننا وصف الثقافة بأنها (عملية تفاعلية تتولاها فئات في مجتمع ما وتهدف إلى تمكين هذا المجتمع من الانخراط في تطوير ذاته ورفع سويته، وتتمظهر هذه العملية، عادة، بمنظومة معرفية سلوكية مختارة. يتمثلها الأفراد بالاستناد إلى وعيهم بظروف واهتمامات وحاجات وتطلعات وقدرات مجتمعهم، فيعملون على تبنيها والالتزام بها، بهدف تفعيل الحراك الاجتماعي في اتجاه مقصود، يتحقق به رقي وازدهار هذه المجتمع نحو مرتبة أفضل).

  الثقافة ضمن المنظومة الاجتماعية

إن للنسب الاجتماعي مرونة كبيرة، مصدرها تعدد منابع توازنه وتمايز بعضها عن البعض الآخر، وهو يسمح له حتى عندما يكون معرضا لهزة بتحقيق التجديد الضروري لكل مجتمع. (غليون،1990)

على ذلك فان الثقافة ضمن المنظومة الاجتماعية تعمل بدور المكمل لبقية الأبعاد الثقافية بحيث يكون منها عامل الخلق والابتكار. ورغم ما في موضوع الثقافة من اختلاف عن بقية الأبعاد الحياتية إلا أن هذا يعني توحيد الأنماط العقلية التي تحكمها من خلال الثقافة كما هي وظيفتها الأساسية. إذ أن الثقافة تغذي الأنساق الاجتماعية كلها بقيم مماثلة فتخلق نسيجا اجتماعيا واحدا قادرا على إعادة إنتاج نفسه بشكل متكامل في أي نقطة.( السيد،1995)، فتتشكل الأنساق الاجتماعية بالإضافة للنسق الثقافي من الأنساق الأخرى كالاقتصادية والسياسية.

ومن هنا فان عملية تصميم الثقافة تتضمن تغيير الظروف التي يعيش في ظلها الناس، ومن ثم تتم السيطرة على السلوك البشري من خلال معززات الفرد.( السيد،1995)

إن المشكلة في تصميم أي ثقافة، تكمن في الأبعاد السلبية للتخطيط المسبق، حيث أن الأمور التي لم يخطط لها، لن تتحقق فيضمحل عنصر المصادفة الذي يسمح بالعثور على ممارسات جديدة.

والثقافة المخطط لها تعني بالضرورة التماثل في كل شي أو النظام العسكري، فقد تعمل حقا ضد أي تطور جديد، والثقافة التي تجعل الناس متشابهين إلى اكبر حد ممكن قد تنزلق في اتجاه نمط معين ثابت لا يمكن التخلص منه، وذلك حتما سيكون تصميما سيئا. (غليون،1990)

إن أي تخطيط لثقافة جديدة، لابد وان يبقى فيه أسر للثقافة القديمة، فلا يمكن التحرر كليا من العادات والطباع التي أوجدت ميول إنسانية وليدة البيئة الاجتماعية المصاحبة للتنشئة. لكن في نطاق هذه الحدود العملية، ينبغي إن يكون ممكنا تقليل اثر الملامح العرضية للثقافات إلى الحد الأدنى الممكن والالتفات إلى مصادر الأشياء التي يقول الناس أنها جيدة ولابد من البحث عن المصادر لهذه الأشياء في تطور الجنس البشري وفي تطور الثقافة. ( السيد،1995)

إن أي تطور ثقافي لا يكون إلا بتطور الممارسات المصاحبة لأيدلوجيات رواد تلك الثقافة، حيث تعتمد قانون الانتخاب الطبيعي من خلال تنافسها مع الخواص المادية للبيئة، على أساس إسهامها في تقوية الثقافة، وان التخطيط المسبق لتصميم الثقافة يعمل على تسريع عملية التطور حسب متغيرات سلوك الناس، فتصبح استمالتهم للعمل من اجل بقائها أكثر احتمالا.

 


  الثقافة العربية عبر تاريخها

يعتقد بعض الباحثين أمثال د. الجابري بقاعدة عفوية تحدد الجنسية الثقافية للفكر، وهذه القاعدة تقضي بان المثقف لا ينسب إلى ثقافة معينة إلا إذا كان يفكر داخلها، والتفكير داخل ثقافة معينة لا يعني التفكير في قضاياها بل التفكير بواسطتها والتفكير بواسطة ثقافة ما معناه التفكير من خلال منظومة مرجعية تتشكل إحداثياتها الأساسية من مكونات هذه الثقافة وفي مقدمتها الموروث الثقافي والمحيط الاجتماعي.( السيد،1995)

والسؤال الذي يتبادر إلى ذهننا الآن، ما هي الثقافة العربية، وما دور الثقافة العربية في تشكيل الهوية؟ وأين نحن من تلك الهوية في وقتنا الحاضر؟ … وهذا سيكون مدار بحثنا في هذا الفصل.

لذا لابد من التعرف على الكيفية التي عاشت بها الثقافة العربية خلال قرونها الأربعة عشر الماضية، حين اشتد عودها ووقفت على قدميها مؤثرة في صنع الحضارة … وحين واجهت، من آونة لأخرى الأخطار الناتجة عن نشوء الأمصار والحواضر الإسلامية وبعد التأثير المركزي عنها … ومن ثم قدرتها على امتصاص ومعالجة ما كان يطرح من رؤى واجتهادات في معالجة المواقف المختلفة وردود الفعل المناهضة …

يضاف إلى ذلك نهوضها بعبء مواجهة الثقافات القديمة، كالفارسية، والهندية، واليونانية ونجاحها النسبي في هضم هذه الثقافات والاستفادة من بعض مشتملاتها في إغناء ذاتها، والتعرف على ماهية الثوابت المطلقة أو النسبية التي حددت معالمها. (الزعبي،1999)

وإذا ما عدنا إلى هذه الثقافة في أصولها قبل الإسلام، لتبين أن هذه الثقافة قد ظهرت بجملة من المعتقدات والسلوكيات المتصلة ببعض الديانات القديمة المختلطة بما تنتجه حياة البداوة من حكم وأشعار ومأثورات شعبية انحدرت إلينا على أنها ديوان العرب…

غير أن هذه الأصول لم تكن متبلورة بما يكفي لان تدفع باتجاه تأسيس حضاري من نوع متطور، وان كانت تمنح للعربي شخصية مميزة وتجعل منه إنسانا قابلا لان يحمل على عاتقه عبئا حضاريا، مشكلة بذلك منظومة تمهيدية للثقافة العربية.

أما عند الرجوع إلى المنعطف الرئيسي في تمكن هذه الثقافة من النهوض والاضطلاع بدورها بشكل متفوق في إنتاج حضارة متطورة، لتبين لنا أن أساس هذه الثقافة وثابتها الأبرز خلال تاريخها يتمثل بالقرآن الكريم، فقد ظلت نصوصه وحدها لفترة تؤسس المرجعية المعرفية والسلوكية منذ نزول الوحي على الرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى عصر تدوين السنة الشريفة، إلى أن استفيد في وقت لاحق من ثابت الإجماع أيضا.

لقد شكلت هذه الأصول ( القرآن، السنة، الإجماع) مجتمعة، منظومة التأسيس في الثقافة العربية، وكانت المرجع الأساس في الوعي الثقافي الحضاري العربي إلى أن عضدتها في وقت لاحق علوم اللغة والبيان( المنظومة التخصيبية) التأصيلية، من استحسان، ورأي، وقياس،  وتعليل، واستصحاب، ودليل خطاب، إلى غير ذلك من أصول تبنتها غير طائفة داخل هذه الثقافة… وقد شكلت المنظومة اللاحقة مجتمعة ومازالت، ثوابت نسبية في عالم تموج أحداثه بالحركة والتغيرات… في حين شكلت منظومة التأسيس الثوابت المطلقة. ( الزعبي،1999)

من هنا بقيت وتيرة التحولات الثقافية في اتجاه تم غرسه وحدد سلفا. وفرض طبيعة نمو الشجرة والثمار التي بالإمكان أن تثمرها، غير أن هذا الثبات لمنظومة التأسيس لم يكن ليعرقل بالمرة التفاعل بينها وبين المتغيرات على ارض الواقع، بل إن المتغيرات نفسها هي التي فرضت بعض الأصول في منظومة التأسيس،  وفرضت التطور في الثقافة العربية، واعتماد المنظومات التالية فالأصل الأساس منذ الانعطافة الرئيسية هو القرآن الكريم وحده، وهو يحتاج في معرض التفصيل والتطبيق إلى مواءمة بينه وبين ما يجرى في الواقع الأمر الذي كرس السنة النبوية ثم الإجماع وصولا للشريعة… إلى أن تفتحت العلوم المختلفة، وذلك جميعا فرضته الأحداث الفعلية اللاحقة، والتغيرات الاجتماعية التي أطلقها التشريع وحدد أساسا كثيرا من مساراتها.

 

 

 

واقع الثقافة العربية والفكر العربي المعاصر

يشير الشهرستاني في الملل و النحل إلى طبيعة العقل العربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة وليس في استطاعتها ذلك فالعربي لم ينظر إلى العالم نظرة شاملة كما فعل اليوناني مثلا. طاف العربي فيما حوله فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، وجاش صدره بأبيات الشعر. وهو إذا نظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه. وهذه الخاصية في العقل العربي هي السر لما نرى من جمال الأدب العربي من نقص. كذلك لما انحصر في شيء جزئي خاص جعلهم ينفذون إلى باطنه فيأتون بالمعاني الدقيقة التي تتصل به من وجوه مختلفة من غير إحاطة ولا شمول. ومظاهر الحياة العقلية عند العرب تتمثل في اللغة والشعر والأمثال والقصص، فلا مكان لهما عندهم ورغم ما كان عندهم من معرفة بالأنساب والسماء وبشيء من الطب، لكن الخطأ أن تسمى علما، فان ذلك لا يعدو أن يكون مجرد معلومات أولية. فليست قواعد أو بحثا منظما كي تسمى علما. إذ تتطلب توضيحا للرأي وبرهنة عليه، وهذه درجة لم تصل إليها العرب في الجاهلية، أما الخواطر الفلسفية فلا تتطلب إلا إلتفات إلى الذهن إلى معنى يتعلق بأصول الكون من غير بحث منظم وتنفيذ، وهذه درجة وصل إليها العرب. (أمين، 1980)

إن هذا يقود مباشرة للانتقال إلى واقع الحال المعاصر المعاش، ففي ظل فهمنا له ووعينا لطبيعة المتغيرات التي تفعل فعلها فيه، يمكن لنا أن نقف على حاجة الخطاب لأن يتطور بدوره وفق منظومة إسناد تلائم المستجدات وعناصر التأثير، لتأخذ دورها في إغناء الخطاب من جهة، و مواجهة مستجدات العصر ولتلعب دورها أيضا في حسم المواقف التنازعية.

في هذا العصر يتم التعايش مع ثورة علمية هائلة على كافة المستويات تسندها منظومة خطاب ومفاهيم حديثة, قد يظن أنها معارضة, ولكن ربما كانت موازية أو مساوية, بل لا يمكن القول بأنها طرأت باستقلال عن المنظومات الأخرى.

بل أن بعض من أجزاء المنظومتين وان كانت تبدو متصادمة و غير قابلة للتعايش معا من مثل التصوف المتطرف مثلاً، على طرف الأخذ بالأسباب والمسببات على الطرف المقابل, فان الكثير من العناصر المشتركة تبدو مماثلة. بيد أن تأثير القدرات الطبيعية أو الطاقات وقيامها الآن بالدور الذي كان يقوم به الإنسان فيما مضى، وتطور القدرات العاملة التي بوسعها ألان جعل التغيير يتسارع بغير حدود بالإضافة إلى تنامي القدرات الفكرية التي أضحت أكثر إلماما بطبيعة الإنسان وحاجاته وظروف مستقبله، وجعلته أكثر استبصارا وتشوفا لما سيكون عليه مستقبل الأجيال القادمة تجعل المجتمع أكثر قدرة على صنع نموذج يكفل له مستقبلا أكثر جدوى من مجرد الاتكاء على المنظومات المتنازعة. أو لنقل أن مستجدات العصر الذي نعيش فيه تدعو منظومات الإسناد لأن تراجع نفسها وتشدد من أزرها لتتكيف مع العصر. .  إن هذا يدعو إلى بلورة منظومة إسناد جديدة يكون بوسعها استيعاب حقائق العصر، ومراجعة الثوابت التي تلاحقت، مرة أخرى.

الواقع الحالي على الأقل لم يعد يتضمن منظومات الخطاب السابقة جميعا، كما تعرفنا إليها، فهو لا يتضمن مثلا علم الكلام، ولا علم التصوف، وان تأثر البعض هنا وهناك ممن يعتنون بذلك ويعيشون بين ظهرانينا، الأمر الذي يعني أن تغيرا تلقائيا قد حصل بالفعل.

المحصلة أن طبيعة المتغيرات تفرض واقعاً جديدا يحتاج إلى منظومة إسناد تستوعب الجديد بالاستناد إلى مراجعة القديم. . وفي تقديري، فان التطور العلمي، الذي هو سمة العصر الحاضر، ليس هو ما يسبب المشكلة، أو ما يوجب المراجعة، إذ أن العلوم بوسعها دائما أن تتعايش مع القيم ولا سيما إذا كانت هذه القيم مرنة كما هو شأن القيم الإسلامية، ونحن نلمس كيف تتعايش العلوم في عصرنا مع القيم، والقناعات التي تترسخ لدى المتدينين يوميا بعدم وجود أي نوع من التعارض حول هذا الموضوع،  وإنما تتجسد المشكلة بصراع أنماط القيم ذاتها سواء في ثقافة و أخرى أم داخل الثقافة الواحدة. . الأمر الذي يوجب الخلافات بين الثقافات مع أن الخلافات بجوهرها تقوم أكثر ما تقوم على المصالح لا المبادئ.

 


أبرز تيارات الثقافة العربية الراهنة والعوامل التي أفرزتها

لعله يمكن القول إن الحركة في تاريخنا العربي حركتان: ” حركة اعتماد ” أي حركة الشيء مكانه: حركة التوتر الكامنة في الجسم المعد للإطلاق كالسهم قبل إطلاقه. ” وحركة نقلة” أي الانتقال من مكان لآخر، ومن مرحلة لأخرى.

وتصنيف الثقافة – أية ثقافة- إلى مراحل إنما يكون حين تتخذ الحركة شكلها الثاني، أي حركة نقلة. أما عندما تكون الحركة أشبه بحركة الاعتماد فان المراحل الثقافية تظل متراكمة متداخلة متزاحمة، لا هي واحدة ولا هي متعددة منفصلة. ولعلنا نقفز إلى النتائج هنا إذ نقرر أن حركة الثقافة العربية الإسلامية كانت وما تزال حركة اعتماد لا حركة نقلة.

ولقد ارتكزت الثقافة العربية، إضافة إلى ارتكازها على الشريعة الإسلامية صلب هذه الثقافة، إلى معطى الثقافات الأخرى ولم تتعلق طوال تاريخها سواء في عصورها التي تلت أم عصرنا الحاضر، الأمر الذي أبقى حيويتها قائمة ومكنها من محاولة النهوض من جديد، حين واجهت التأثيرات المعاصرة، مستوعبة في ذات الوقت خاصيتها الأساسية والاتجاهات المعاصرة، وسيتبدى لنا الأمر من خلال الوقوف على ابرز التيارات الغالبة التي ظهرت بها الثقافة العربية الآن، وهذه التيارات هي:

  • تيار ” الثقافة المستعادة ” أو الثقافة العربية الإسلامية السلفية، وينحدر هذا التيار عن أهل النقل في الثقافة العربية الإسلامية، ويدعو إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه من الجانب الاعتقادي و الحضاري، إلى بواكير نشأة الإسلام حيث يعتبر هذا التيار نموذج هذه الفترة بالإضافة إلى بعض ما لحق به من حقبات زاهية كافية، ويهيئ للإنسان ما يحتاج إليه في سبيل أن يحيا حياة كريمة تقوده إلى الخلاص في دنياه وأخرته. . ويعتمد هذا التيار على المنظومة التأسيسية، وبعض عناصر المنظومة التخصيصية، وعناصر أقل من المنظومة التأصيلية. (الزعبي، 1999)
  • تيار “الثقافة المستعارة ” أو الثقافة الغربية المعاصرة (العلمانية)، وينحدر هذا التيار عن أصول لا ترى في المنظومة التأسيسية نموذجا يصلح للعصر، بل وتراها عائقا أمام التقدم، في حين ترى في الثقافة الغربية، اشتراكية كانت أم رأسمالية، النموذج الأنسب للدخول في العصر، والتطور الحضاري، وعلى الرغم من دعوة هذا التيار، إلى حفظ وتبني الهوية القومية، أي المنظومة التخصيبية، فانه يسعى إلى تغيير المضمون دون الشكل، وهنا تكمن صعوبة مساره وعدم فاعليتها الإيجابية لان مضامين هذه المنظومة أساسا مرتبطة أوثق ارتباط بالمنظومة التأسيسية، وقد تشابه هذا التيار مع تيارات قديمة كانت توصف بأنها من الأهواء والبدع، ويعتمد هذا التيار على معطى ثقافة قديمة أو معاصرة ويرى فيها منظومة تأصيل بديلة. (الزعبي، 1999)
  • تيار ” الثقافة المستفادة” أو الثقافة العربية الاسلامية المنفتحة، وينحدر هذا التيار عن أهل العقل في الإسلام، وهو يدعو للمواءمة بين روح الاسلام ومعطى الثقافات الانسانية، والاستفادة من كل ما من شأنه أن يقدم الحلول على قاعدة المعقول، والمسموح شرعا، أو ما يقرب من ذلك، وهذا التيار يعتمد على المنظومة التأسيسية، فالتخصيبية، وبعض التأصيلية، ويسعى إلى تحقيق منظومة حديثة تتسق مع المنظومات السالفة وتستوعب حقائق العصر ومعطياته. (الزعبي، 1999)

 

الآثار المترتبة على تيارات الثقافة العربية الراهنة:

أولا:      إن الواقع العربي بشكله الذي هو عليه، مضطرب ومتصادم، مما يدعو أن يتم تنبه بعض الجهات فيه إلى المسألة الغائبة عن الصورة، وهي، واقعية الجانب الأول، أي الواقع المعاش وعلى ما هو عليه، فهو المنطلق، ونحوه يجب أن يسدد الهدف، مما يدعو كل الفرقاء لان ينتبهوا إلى انه يحتاج إلى وصف وتحليل وتشخيص للعمل على مواجهة اختلالاته… لا بالتخير كيفما اتفق لنماذج متباينة والعمل على تبنيها، ولكن للالتزام بما يحيل إليه هذا الواقع وممكناته من ضرورات، ولكي يتم الخروج من هذا الوضع المأزوم في مجال معرفة الواقع المعاش على ما هو عليه.

ثانيا:      إن النماذج الحالية شبه محنطة لا لقصورها في ذاتها… وإنما لعدم قدرتها على الارتباط بالواقع وأدوات تغييره، فمن نموذج سلفي يسعى لجر الواقع على ما هو عليه إلى عصور خلت… إلى نماذج تسعى لإحلال نفسها بإلغاء الواقع والعمل على استبداله كليا… ولا سيما في جانبه الاعتقادي الثقافي.

 

ثالثا:      إن هذه الرؤى- كما هي مطروحة في عالمنا العربي- لم تستفد من حركة الحضارة، ولم تقف على تعلقها بالمؤثرات الفاعلة فيها… وإنما ذهبت إلى استعادة نموذجها من الماضي، بإهمال الحاضر تقريبا، أو مضت في طريق آخر حين استعارت تجاربها من بيئات أخرى- بعيدة عن الواقع العربي أيضا لتقدمها كنماذج مطلوبة من غير مراعاة للمحاذير الواجبة، وهكذا اندفعت إلى تطويع الواقع والوسائل التي اقتضاها، وهذا وضع معكوس يخلق أثره في الاختلالات ويجعل الفعاليات مضطربة متصادمة وغير مثمرة بالمرة، بسبب محاولة نفيها لهذا الواقع، لا العمل على تطوير مقدراته.

ولو سلمنا جدلا بانتصار نموذج بعينه من تلك النماذج فانه لا يعدو أمرين: أما أن يكون على سبيل الاستعادة والرجوع القهقري، وفي هذه الحالة، فان على النموذج أن يواجه النموذج الآخر مواجهة سيفشل فيها أخيرا لبعد قدرته على استيعاب الواقع المعاش وأدوات تفعيله ومواكبة العصر… وإما أن يكون على سبيل الاستعارة لنموذج وقسر الواقع وأدوات التغيير للانصياع إلى مقتضاه… وهذا ما يمكن أن يتحقق، وعلى فرض تحققه، فأننا في هذه الحالة أمام نماذج غريبة يطلب إحلالها في الثقافة العربية وفي الواقع العربي بحيث ستكون المحصلة- نظرا لعدم قدرتها نسبيا على تفعيل الواقع ووسائل تغييره – الفشل إلا في تحقيق نموذج مشوه تلفيقي في أحسن الأحوال… وهكذا فان الخيارات المطروحة، في ظل ما هو سائد، إما ذوبان الهوية ودمجها في الآخر… والوقوع تحت طائلة مساره… وإما التركيز على الهوية وجعلها عقبة في وجه الآخر، وكلا الأمرين يؤديان إلى نتيجة واحدة هي فشل الثقافة العربية في التكيف والتطور وتحقيق الوضع المنشود. لأنها تهمل تشخيص الواقع على ما هو عليه وتهمل إمكاناته المتاحة وتهمل أدوات تغييره.

 

في هذا السياق يمكن توجيه الدعوة لكلا الفريقين، المستعيد والمستعير، أو السلفي والتغريبي، لاستيعاب المسائل وأنها لا تقوم على خيارات عاطفية أو تعسفية، بل تقوم على أساس نقدي سليم، يشخص ويعالج ويقدم النموذج الخاص المرتبط بالواقع وأدوات تغييره التي بوسعها أن تحدث التغيير المطلوب والمرتبط بالمبادئ والمصالح معا لا التضحية بأحدهما لصالح الآخر.

 

 


المفهوم الثقافي للحداثة

لاشك بان مفهوم الحداثة يرتبط بتطور الفكر والحضارة تطورا يمضي بهما قدما إلى وضع أرقى من سابقه… وضعا يجد فيه الإنسان نفسه أكثر تحقيقا لإشباع حاجاته وتطلعاته، سواء كانت هذه الحاجات طبيعية، أم اجتماعية، أم نفسية… وضعا يحقق فيه الإنسان ذاته على أكثر من صعيد.

غير أن الذي يسهم في تقدم المجتمعات، الذي يمكن وصفه بالحداثوي في حقبته، من الممكن أن يغيب وان يحضر، طبقا لتقدم أو تراجع المجتمعات في حال استعادته فيما بعد نتيجة ثبات الحاجة إليه، ولا يمكن أن يوصف بالحديث، بل يوصف بالأصيل لأنه يحتفظ برونقه من استمرار بقاء الحاجة إليه. أما الذي يصح وصفه بالحديث، فهو الطارئ الذي يسهم في تقدم المجتمعات، ولما كان الأصيل، حين طرأ في حقبته، قد كان حديثا في حينه، فهو في الحقبة التي تلي يصبح أصيلا، بينما يطرأ الحديث في الحقبة المواجهة مباشرة، لكن ليس من شرط الحديث أن يحل محل الأصيل، وإنما أن يتجاوب معه باستمرار لإيصال المجتمع إلى وضع أفضل من سابقه، ذلك أن من شرط الحديث أن يحل محل البالي، فهو الذي يشكل ضدا له… وليس الأصيل هو الذي يشكل هذا الضد. (الزعبي،1999)

وليس من شك في أن الأفراد والجماعات يتبادلون غير ذلك، غير أنهم يحتاجون إلى تنظيم طاقاتهم وقدراتهم وان يخلصوا في مسعاهم، سواء في علاقاتهم الفردية أم الاجتماعية فتوضع التشريعات لتنظيم هذه المهام. ومن هنا فلا مناص لأي عملية تحديث من أن تتضمن تشريعات، أي معايير، ومضامين تراعي قيم العلم، والأخلاق، وضعها موضع الفعالية الاجتماعية، على كل المستويات، ضمن الإطار الاجتماعي.

وهكذا فان على المنهجية النقدية التي تسعى إلى التحديث أن تراجع عناصر كثيرة ومتشعبة لتضعها بعين الاعتبار… كالأصالة، والمعاصرة، والحداثة، والقدرات، والطاقات، والعلم، والعمل، والأخلاق… الخ.

 


  الخلاصة

في تقديري إن الثقافة العربية كي تستوفي الأصول الجديدة التي تحتاجها للإثمار من جديد هي في أمس الحاجة إلى عملية مراجعة نقدية شاملة تأخذ باعتبارها المنهجية المقترحة. وستقود هذه المراجعة حتما إلى تبني الأصول المحتاج إليها… وهذه الأصول لابد لها أن ترتبط بالواقع الثقافي العربي، وتحفزه على إنتاج الحضارة المطلوبة. ولا تخرج هذه الأصول عن استيعاب الشروط التي تفرضها عملية التحديث ذاتها، أبرزها الايمان بقيم، العلم، والعمل والأخلاق- على أساس من بذل الطاقات فكريا وعضليا وتعاطفيا.  ويمكن القول إن الحركة الثقافية في تاريخنا العربي حركتان: ” حركة اعتماد ” أي حركة الشيء مكانه: حركة التوتر الكامنة في الجسم المعد للإطلاق كالسهم قبل إطلاقه. ” وحركة نقلة” أي الانتقال من مكان لآخر، ومن مرحلة لأخرى.

وتصنيف الثقافة – أية ثقافة- إلى مراحل إنما يكون حين تتخذ الحركة شكلها الثاني، أي حركة نقلة. أما عندما تكون الحركة أشبه بحركة الاعتماد فان المراحل الثقافية تظل متراكمة متداخلة متزاحمة، لا هي واحدة ولا هي متعددة منفصلة.

            أعتقد بهذا التوضيح أننا سنكون قد هيأنا لأنفسنا فهم الدور القاعدي الذي تضطلع به المؤثرات الأساسية العامة في صنع المستقبل الحضاري، وان هذه التهيئة تشبه إلى حد ما استيعاب وإتقان الشاعر للغة التي يتعامل معها قبل أن يصطنع له أسلوبا يميزه عن غيره، ويشبه استيعاب وإتقان الموسيقي للسلم الموسيقي قبل أن يصطنع أسلوبا في التلحين يميزه عن غيره.  فسير الحضارات يمكن التلوين فيه ولكن على قاعدة فهم المؤثرات المشتركة التي تفعل فعلها فيه، إذ بعد فهم واستيعاب واستثمار هذه المؤثرات يمكن الاقتراب من تعيين النموذج الملائم الكفيل بإحداث الإيقاعات والتناغمات المطلوبة لتحقيقه.

من هنا، ولإغفال دور تشخيص الواقع على ما هو عليه، ودور الأدوات والوسائل المتاحة لتنفيذه، جاء تعيين النموذج دوما حالما بعيدا عن الواقع ومغرقا في المثالية، المفرطة أحيانا، وعليه فقد ذهبت المحاولات في تعيين النموذج في وجهات غير مثمرة سواء من قبل هؤلاء أو أولئك، وتعاملت مع النموذج غير العملي، أي اللا متصل بالواقع وأدوات تغييره وكأنه الأمر المطلوب، في حين أن المطلوب إنما هو إنجاز النموذج المتصل بالواقع وأدوات تغييره، ولا يتحقق هذا الإنجاز بغير فحص مدى توافقه ( أي النموذج ) مع الواقع على ما هو عليه، ومع أدوات ووسائل التغيير الفعلية المتاحة.

إلا أن النماذج الحالية شبه محنطة لا لقصورها في ذاتها… وإنما لعدم قدرتها على الارتباط بالواقع وأدوات تغييره، فمن نموذج سلفي يسعى لجر الواقع على ما هو عليه إلى عصور خلت… إلى نماذج تسعى لإحلال نفسها بإلغاء الواقع والعمل على استبداله كليا… ولا سيما في جانبه الاعتقادي الثقافي.

 

 

 

 

 

انظر: دور الفكر العربي المعاصر في بنيوية “العمارة الإقليمية”- إيهاب يوسف عبده-كلية الدراسات العليا -الجامعة الأردنية-2002

Share this content:

شاهد أيضاً

مزاح النبي صلى الله عليه وسلم

مزاح النبي صلى الله عليه وسلم كان مزاحًا حسنًا ولطيفًا، لا يخرج عن الحق ولا …

الشتاء ربيع المؤمن

الشتاء ربيع المؤمن الشتاء فرصةً للمسلم ليكثر من الأعمال والطاعات، مثل: الصيام: فالصيام في الشتاء …

اترك تعليقاً