فضل الأخوات وحقوقهن في الإسلام

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد المبعوث رحمة للعالمين.

وبعد فإن للأخوات حقا عظيما على المسلم، وصلتهن من أفضل الطاعات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وقد حثَّ الإسلام على اهتمام بهن، والقيام بحقوقهنَّ، والتواصي بالبرِّ والصلة معهنَّ، حيث وردت العديد من الأحاديث التي تُبيّن فضل الإحسان إلى الأخوات، وأنه سببٌ لدخول الجنة. ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ”، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ (رواه مسلم).

فضلا عن دخولهن في وصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث أوصى  بالنساء خيرًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا” (رواه البخاري ومسلم). فهذا الحديث يشمل الأخوات، حيث يجب على المسلم أن يُحسن إليهنَّ، وأن يُوصي بهنَّ خيرًا.

وفي القرآن الكريم نجد العديد من الآيات التي تُشير إلى أهمية الأخوات وحقوقهنَّ. يقول الله تعالى: “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما راجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا” [النساء: 1].

فهذه الآية فيها إرشاد إلى مراقبة الله تعالى، وبيان أن النساء – بما فيهنَّ الأخوات – قد خُلقنَ معنا من نفس واحدة، فأصل الخلق من أب واحد وأم واحدة، مما يدل على المساواة في الأصل والكرامة بين الرجال والنساء، وفي هذا تذكير للخلق ليعطف بعضهم على بعض، وليحنوا على ضعفائهم، ومنهم الأخوات.

كما تحث الآية على التقوى، وهي إنما تكون بالتزام طاعته واجتناب معاصيه، وأما اتقاء الأرحام فبأن توصل ولا تقطع فيما يتصل بالبر والإفضال والإحسان.

كما بين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عاقبة قطع الصلة، فقال: (الرحم شجنة من الرحمن، قال الله: من وصلك وصلته، و من قطعك قطعته)(رواه البخاري، وهذا لفظه، ورواه مسلم مطولا).

وقال تعالى متوعدا من يقطع الرحم:” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم”[محمد: 22-23]، قال الطبري رحمه الله: «وإنما عَنى بالرّحم، أهل الرّحم الذين جمعتهم وإياه رَحِمُ والدة واحدة. وقطعُ ذلك: ظلمه في ترك أداء ما ألزم الله من حقوقها، وأوجبَ من بِرِّها. وَوَصْلُها: أداءُ الواجب لها إليها من حقوق الله التي أوجبَ لها، والتعطفُ عليها بما يحقُّ التعطف به عليها».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” (رواه البخاري ومسلم). والأخوات من الرحم التي يجب صلتُها والإحسانُ إليها. وفي حديث آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من كان له أُختانِ أو ابنتانِ، فأحسنَ إليهما ما صحبتاهُ، كنتُ أنا وهو في الجنةِ كهاتينِ، وقرنَ بين أُصبعيهِ”

وقال صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ‌يبسط ‌له ‌في ‌رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» (رواه البخاري ومسلم مع اختلاف يسير في اللفظ)، وفي هذا الحديث دلالة على بقاء أثر الأعمال الصالحات حتى بعد وفاة صاحبها.

كما  أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأخوات، فقال:”واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبذي القربى واليتامى” [النساء: 36]. والأخوات من ذوي القربى الذين يجب الإحسان إليهنَّ.

والحديث في هذا الموضوع يطول، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

Author: ibn alislam

اترك تعليقاً