علاقة البحث العلمي بالتنمية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بجامعة عدن .. علي عبده محمد الدوش..ماجستير في الإدارة والتخطيط التربــــوي.. 2003 م-1424 هـ..

ملخص البحث :

هذه الدراسة محاولة علمية لدراسة علاقة البحث العلمي بالتنمية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس من خلال تجربة جامعة عدن ، التي ربما هي بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتقييم أثر نشاطها البحثي في الحركة التنموية ، وهي تتجه بتوسيع نطاق خدماتها للمجتمع ، وتلبية احتياجاته .

مشكلة الدراسة :

          إن ارتباط البحث العلمي بمتطلبات التنمية في المجتمع في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات وغيرها يعد أحد المرتكزات الأساسية للتنمية والتقدم في عصرنا هذا الذي يحتل فيه البحث العلمي مكانة كبيرة في النواحي المختلفة . ولاشك أن علاقة البحث العلمي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، والنتائج المترتبة على ذلك في رفع معدلات الإنتاج وتحسين نوعيته وإدخال الأساليب والتقنيات الحديثة في النشاطات الإنتاجية والإدارية للمؤسسات التنموية ، يؤدي إلى تطويرها وزيادة مساهمتها في الدخل القومي للمجتمع .

          وفي هذا الصدد ، يقول ( السقاف ، وبامؤمن 1999م ص31) (( إن البحث العلمي يعد أحد المداميك الأساسية للتنمية الشاملة ( … ) وإنه لا يمكن فهم مسألة البحث العلمي إلا بارتباط وثيق وعضوي بمسألتين مهمتين هما العلم والتكنولوجيا ))، كما يشير ( حطاب وآخرون1999م ص11) إلى (( أنه نتيجة للإدراك الواعي للدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه البحث العلمي في النهوض بعملية البناء الاجتماعي والاقتصادي ، قامت العديد من الجامعات في البلدان المتقدمة بإعادة النظر في بنائها الوظيفي والتنظيمي ليصبح البحث العلمي ليس مجرد إحدى المهام والوظائف الرئيسة ، بل الوظيفة المحورية للبحث العلمي )).

يشير( عبدالمطلب 1997م ص56،57) إلى (( إن الدور الذي يمكن أن تقوم به الجامعات في البحث العلمي يمكن أن يؤدي إلى تنمية ثقافية واقتصادية واجتماعية في ظروف وتطوير نوعي لهذه الجامعات وخصوصاً فروع الدراسات العليا فيها )).

ومن هذا المنطلق فإن الجامعة لا يمكن أن تسهم في عملية التنمية إلا بتفعيل آليات عملها البحثي ، نحو الاهتمام بقضايا ترتبط بالتنمية ، عبر دراسات ميدانية لأنشطة المؤسسات في قطاعات الصناعة والزراعة والأسماك وقطاعات الاستخراج وتوليد الطاقة ، وقطاعات الصحة والتربية والخدمات ، وغيرها ، وتقديم نتائج الأبحاث العلمية للمؤسسات للاستفادة منها في تطوير أنشطتها الإنتاجية وتحسين آلية العمل والنشاط التنموي .

يشير ( رحال 1997م ص68 ) إلى إنه ((بهدف ربط الجامعة بالتنمية لجأت العديد من الجامعات الأمريكية والأوروبية إلى توجيه الطاقات العلمية في الجامعات والمؤسسات العلمية من خلال تجمعات علمية صناعية يتوفر فيها المكان المناسب لربط أبحاث الجامعات والمؤسسات العلمية بالتطبيقات الصناعية)) .

وهذا النوع من الارتباطات بين الجامعة ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعتبر شرطا ضروريا للتقدم الاقتصادي والمعرفي معا .

إن تحقيق أهداف البحث العلمي وتقوية علاقته بالتنمية ، يمكن أن يتم من خلال تفعيل نشاط الجامعة البحثي ، التي ينبغي أن تعمل على تحويل الأهداف إلى استراتيجيات وخطط بحثية تلبي احتياجات التنمية بما ينسجم مع قانون الجامعات اليمنية رقم 18 لعام 1995م ،وما حدده من أهداف بحثية للجامعات ومنها ( تطوير المعرفة بإجراء البحوث العلمية في مختلف مجالات المعرفة ، سواء على المستوى الفردي أم الجماعي وتوجيهها لخدمة احتياجات المجتمع وخطط التنمية ) ” اللوائح الإدارية للجامعة ” .(ص21)

          وإذا نظرنا إلى النشاط البحثي لجامعة عدن خلال السنوات الخمس الماضية فإنه بالرغم من تطوره ظل يفتقر لوجود استراتيجية وخطط بحثية متكاملة لعلاقة علاقته بالتنمية، وتكاد تكون العلاقات البحثية بين الجامعة والمـؤسسات التنموية محدودة .

   حيث يشـير ( النوبان 2001م ص 21) )) من الواقع الذي تعيشه جامعة عدن فإن العلاقات البحثية بينها وبين المؤسسات والوزارات أقل من حدها الأدنى إذا ما استثنينا بعض الدراسات المشتركة . وبديهي أن أهم ما يربط البحث العلمي في الجامعة باحتياجات المجتمع والتنمية الاجتماعية والاقتصادية ( … ) هو ما تتطلبه المصانع والوزارات من دراسات لربط وتحديث تلك المصانع أو الزراعة أو الخدمات ، باستخدامات التكنولوجيا ، هذا هو المجال الخصب الذي يعوّل عليه حين تخضع هذه المنشآت الصناعية للتجديد والاختراع أو الابتكار لاحقاً ((.

          لقد أدرك الباحث الأهمية التي تكتسبها العلاقة البحثية بين الجامعة والمؤسسات التنموية وضرورة تطورها لما من شأنه خدمة الأهداف التنموية ، فمن خلال إطلاع الباحث على الإنتاج العلمي لاعضاء هيئة التدريس وعناوين أبحاثهم المنشورة في دليل الإنتاج العلمي للجامعة، لاحظ أنها ليست لها علاقة قوية ومباشرة بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وأن هناك افتراق بين علاقة البحث العلمي لأعضاء هيئة التدريس وخطط التنمية  ؛ فكان هذا محور اهتمامه لدراسة علاقة البحث العلمي بالتنمية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بجامعة عدن لاسيما وأنه معايش للتجربة كونه أحد  كوادر البحث العلمي في الجامعة . كما أن هذا الموضوع لم يحظ بالدراسة والبحث من قبل في جامعة عدن حسب علم الباحث ، مما عمق قناعته بدراسته والتعرف على العوامل والأسباب المؤثرة فيه، لمعالجتها وتحديد رؤية مستقبلية لعلاقة البحث العلمي بالتنمية ، لما لذلك من دلالات كبيرة في عملية التطور التنموي وربط الجامعة بمؤسسات المجتمع لمساعدتها في التغلب على مشكلاتها الإنتاجية والتقنية وتطوير نشاطها الإنتاجي وزيادة معدلات نموها .

          ومن هذا المنطلق يتطلع الباحث عبر دراسته هذه للتواصل إلى نتائج علمية تخدم التنمية وتطوير علاقات التعاون العلمي بين جامعة عدن والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، وربط البحث العلمي بخطط التنمية .

          فكان محور اهتمام هذه الدراسة التعرف على علاقة الأبحاث المنجزة من قبل أعضاء هيئة التدريس في الجامعة خلال السنوات الخمس الماضية ( 1996-2000م ) اعتمادا على المعايير الآتية :

  1. مدى ارتباط البحث العلمي بواحدة أو أكثر من أهداف وسياسات الخطة الخمسية الأولى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ( 9619-2000م) .

  2. مدى الفائدة التي تمت من الأبحاث المنجزة خلال السنوات ( 9619-2000م) .

  3. مستوى العلاقة القائمة حالياً أو التي ينبغي أن تكون بين الجامعة كمؤسسة بحثية ومؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدمية .

  4. مستوى العلاقة بين الباحثين ( أعضاء هيئة التدريس ) والمؤسسات ذات العلاقة ، بخاصة فيما يتعلق بمدى إنجاز الأبحاث العلمية خلال السنوات (1996-2000م) .

 وفي ضوء هذه المعايير أحس الباحث إجراء تجربته الكبيرة في جامعة عدن بأن هذه المعايير لم تتحقق بدرجة مقبولة أو لم ترتق إلى المستوى الكامل ، وهو مادفع الباحث إلى دراسة علاقة البحث العلمي بالتنمية والتعرف على رؤيتهم للعلاقة القائمة بين إنتاجهم العلمي واحتياجات خطط التنمية باعتبار أن البحث العلمي واحدة من المهام التي ينهض بها عضو هيئة التدريس الجامعي

أسئلة الدراسة

وفقا  للمعايير التي حددها الباحث تحاول الدراسة الإجابة على الأسئلة التالية :

  1. ما تقدير أعضاء هيئة التدريس في الجامعة لمستوى علاقة أبحاثهم بأهداف وسياسات الخطة الخمسية الأولى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ( 1996-2000م ) ؟

  2. ما دوافع أعضاء هيئة التدريس لإعداد بحوثهم خلال السنوات (1996-2000م) ؟

  3. ما تقدير أعضاء هيئة التدريس لدرجة استفادة الجهات ذات العلاقة من أبحاثهم المنجزة والعلاقة مع تلك الجهات خلال السنوات ( 1996-2000م ) ؟

  4. ما تقييم أعضاء هيئة التدريس لحصيلة الجهود البحثية في حقل التخصص العـام أو الخاص،بخاصة ما يتعلق بالعلاقة بين البحث العلمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية؟

  5. ما تقييم أعضاء هيئة التدريس لدرجة العلاقة بين الجامعة كمؤسسة بحثية ومؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدماتية في توضيف البحث العلمي في خدمة التنمية؟

  6. ما تقييم أعضاء هيئة التدريس لمستوى إسهام البحث العلمي بشكل عام وفي مجالات التخصص في معالجة مشكلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟

  7. ما تقدير أعضاء هيئة التدريس للعقبات التي تؤثر في تنظيم علاقة إيجابية بين الجامعة ومؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدمية ؟

  8. ما تقدير أعضاء هيئة التدريس للطريقة المثلى في تنظيم العلاقة بين الجامعة ومؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدمية ؟ وما ينبغي أن تكون عليه هذه العلاقة في المستقبل ؟

 أهداف الدراسة :

  • التعرف على العلاقة القائمة بين أبحاث أعضاء هيئة التدريس في الجامعة خلال السنوات الخمس الماضية وخطة التنمية الأولى ( 96-2000م ) .

  • مدى اقتراب أو ابتعاد الأبحاث المنجزة لأعضاء هيئة التدريس خلال السنوات الماضية ( 1996- 2000م) من مشكلات التنمية ومقدار الفائدة التي تحققت من عدمها من نتائج تلك الأبحاث.

  • بلورة تصورات مستقبلية لتنظيم علاقة الجامعة بالمؤسسات الإنتاجية والخدمية ، بما يخدم أهداف وسياسات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 حدود الدراسة :

أ-الحدود المكانية :

          تقتصر الدراسة على ثماني كليات في جامعة عدن هي :

      ( التربية – عدن / ناصر للعلوم الزراعية / الطب والعلوم الصحية / الاقتصاد / الحقوق / الهندسة / الآداب / العلوم الإدارية ) .

          ب-الحدود الزمنية :

                   2002-2003 م

          ج-الحدود البشرية :

          عينة من أعضاء هيئة التدريس في كليات جامعة عدن .

عينة من أعضاء هيئة التدريس في كليات جامعة عدن تم استقصاء وجهة نظرها حول علاقة البحث العلمي بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية .

  • كما تحدد الدراسة بالأبحاث المنجزة لعينة من أعضاء هيئة التدريس في المدى الزمني لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الأولى في الجمهورية اليمنية ( 1996-2000م )

إجراءات الدراسة:

  • مجتمع الدراسة :

يتكون مجتمع الدراسة من أعضاء هيئة التدريس من حملة لقب أستاذ وأستاذ مشارك وأستاذ مساعد في ثمان كليات أساسية بجامعة عدن وعددهم (549).

  • عينة الدراسة:

تتكون من (110) فرداً بنسبة 20% من إجمالي أعضاء هيئة التدريس يمثلون المجتمع الأصلي للدراسة ،استجاب منهم 72 فرداً بنسبة 65,5%.

  • أداة الدراسة:

أعتمد الباحث إلى جانب الوثائق والتقارير واللوائح الجامعية، اعتمد استبيان لجمع المعلومات بما يتلاءم مع أهداف الدراسة، وتم عرضها على عشرة محكمين لإثبات الصدق الظاهري للأداة ، وتم إثبات الصدق الداخلي للأداة باستخدام طريقة ارتباط، سيبرمان – براون، حيث بلغ مقدار الثبات الداخلي 0,80 وهي درجة عالية تؤكد صدق المحتوى.

  • منهج الدراسة:

اتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي في دراسته لتناسبه مع هذه النوع من الدراسات .

  • المعالجة الإحصائية:

استخدم الباحث الأدوات الإحصائية الجاهزة لتفريغ البيانات في أداة الدراسة ومنها المتوسط الحسابي  والانحراف المعياري  وقيمة التباين والنسب المئوية في تحليل بيانات الدراسة.

  • نتائج الدراسة:

اسفرت الدراسة بعد المعالجة لبياناتها على النتائج الآتية:

  • ضعف ارتباط الأبحاث العلمية المنجزة بأهداف وسياسات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية .

  • غياب الخطة البحثية على مستوى الجامعة والكلية والقسم العلمي واعتماد الباحث على خطته، وبالتالي لم تكن الأبحاث موجهة لدراسة مشكلات تنموية بقدر ما هدفت إلى تحقيق اهتمامات الباحث التخصصية .

  • ضعف ارتباط الباحثين بالمراكز البحثية والفرق البحثية .

  • افتقار البحث العلمي إلى مصادر تمويل، سواءً من الجامعة أم المؤسسات والمنظمات والمراكز البحثية والشركات .واعتماد الباحث على إمكانياته الذاتية في إنجاز أبحاثه وهو مصدر لا يمكن التعويل عليه لإجراء أبحاث ذات صلة بالتنمية .

  • أن الإحساس بأهمية المشكلة موضوع البحث كانت من أهم الدوافع لدى الباحثين لإجراء أبحاثهم العلمية

  • إن غالبية الجهود البحثية في مجال التخصص في رأي بعض أفراد العينة عالجة مشكلات ذات صله بالتنمية.

  • أهمية احتكاك الباحثين في الجامعة بالمراكز البحثية الخارجية للاستفادة من التجارب البحثية وتطوير مستوى أدائهم البحثي

  • ضعف العلاقة بين الجامعة كمؤسسة بحثية وبين المؤسسات الإنتاجية و الخدمية.

  • إن مستوى إسهام البحث العلمي في معالجة مشكلات التنمية لايزال  دون مستوى الطموح وضعيفاً في جوانب كثيرة.

  • أظهرت الدراسة غياب الأنظمة والقوانين الملزمة للمؤسسات بالاستفادة من البحث العلمي في الجامعة ونتائجها كان من العقبات التي تعيق تنظيم علاقة إيجابية بين الجامعة والمؤسسات التنموية.

  • تظهر الدراسة أن الطريقة المثلى لتنظيم العلاقة المستقبلية بين جامعة عدن والمؤسسات الإنتاجية والخدمية تمكن في إيجاد مكتب للتنسيق مع المؤسسات وتسويق نتائج البحث العلمي لها.

– توصيات الدراسة:

  • إنشاء جهاز مؤسسي لتنظيم البحث العلمي على المستوى الوطني.

  • إصدار قانون ينظم ويرشد أنشطة البحث العلمي في اليمن.

  • ربط موازنة البحث العلمي مع موازنة الدولة واعتماد 1% من إجمالي الدخل القومي لتمويل أنشطة البحث العلمي وإنشاء صندوق وطني لدعم أنشطة البحث العلمي .

 4-وضع إستراتيجية بحثية وتخطيط البحث العلمي في جامعة عدن.

5- توفير مصادر تمويل النشاط البحثي، وإنشاء صندوق لتمويل البحث العلمي في الجامعة و تحديد آليات عمله

6- إعادة هيكلية المراكز البحثية في الجامعة وزيادة عدد الفرق البحثية وتفعيل دورها البحثي لخدمة أغراض التنمية.

7- تنظيم العلاقة مع المؤسسات من خلال عقد اتفاقيات للتعاون العلمي وإيجاد مكتب للتنسيق بين الجامعة والمؤسسات.

8- إنشاء مركز لتسويق النشاط البحثي للجامعة ونتائجها إلى المؤسسات.

9-إعادة النظر في لوائح وأنظمة البحث العلمي والهيكل التنظيمي لجهاز البحث العلمي بجامعة عدن بما يلبي احتياجات تطوير النشاط البحثي.

Share this content:

شاهد أيضاً

مزاح النبي صلى الله عليه وسلم

مزاح النبي صلى الله عليه وسلم كان مزاحًا حسنًا ولطيفًا، لا يخرج عن الحق ولا …

الشتاء ربيع المؤمن

الشتاء ربيع المؤمن الشتاء فرصةً للمسلم ليكثر من الأعمال والطاعات، مثل: الصيام: فالصيام في الشتاء …

اترك تعليقاً