بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإن الصلاة هي عماد الدين، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]. أي أن الصلاة مفروضة في أوقات محددة، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها المحدد دون عذر شرعي. قال عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].
وهي من أسباب نيل رحمة الله تعالى ومغفرته، فقد قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56].
كما أنها من علامات التقوى، فقال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 2-3].
ومن أسباب نيل الأجر العظيم عند الله تعالى، فقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 9-11].
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: “الصلاة على وقتها”. قال: ثم أي؟ قال: “بر الوالدين”. قال: ثم أي؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”. ([1])
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟”. قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: “فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا”. ([2])
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التبكير للصلاة في الجماعة، وبيَّن فضل ذلك في العديد من الأحاديث الصحيحة. ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا”. ([3])
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا”. ([4])
وهي أول ما يحاسب عليه العبد وسبب لمغفرة الذنوب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله”. ([5])
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الصلاة الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر”. ([6])
ومن أسباب نيل الأمن يوم القيامة، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 277].
ومن أسباب نيل البركة في الرزق، فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “باكروا بالصلاة في يوم الغيم، فإنه من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله”. ([7])
ومن أسباب نيل الأجر المضاعف، فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نزلاً في الجنة كلما غدا أو راح”. ([8])
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة”. ([9])
كما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به”. ([10])
([1]) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، حديث رقم 527.
([2]) رواه مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء والصلاة عقبه، حديث رقم 667.
([3]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل الصف الأول، حديث رقم 615.
([4]) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، حديث رقم 651.
([5]) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، حديث رقم 528.
([6]) رواه مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء والصلاة عقبه، حديث رقم 668.
([7]) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة في يوم الغيم، حديث رقم 552.
([8]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل من غدا إلى المسجد أو راح، حديث رقم 662.
([9]) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل المشي إلى الصلاة، حديث رقم 666.
([10]) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم 482.