إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من أهم العلوم الشرعية، وأجلها قدراً، وأعمها نفعاً، وأبلغها أثراً، وأكثرها فائدة، علم أصول الفقه، ذلك العلم الذي يمكِّن المجتهدَ من النظر في أصول الشريعة ومقاصدها، وقواعد الدين ونصوصه، واستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية بإتقان وبصيرة، فهو مأوى المجتهدين، ومورد المفتين عند تحقيق المسائل، وتحرير الأقوال، وتقرير الأدلة، وتأصيل وتقعيد الحكم في النوازل، وما يجدُّ في حياة المسلمين، مسائلُه مبنيةٌ على أسس متينة، وقواعدُه راسخةٌ تربط بين المنقول والمعقول، مما يجعل هذا العلم من أشرف العلوم، وأولاها بالمعرفة والإدراك.
ولقد سطّر الغزالي طرفاً من أهمية هذا العلم بقوله: «أشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع، وعلم الفقه وأصوله من هذا القبيل، فإنه يأخذ من صفو العقل والشرع سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول، بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد، ولأجل شرف علم الفقه وأصوله وفّر الله دواعي الخلق على طلبه، وكان العلماء به أرفع العلماء مكاناً، وأجلهم شأناً، وأكثرهم أتباعاً وأعواناً…»([1]).
ولأهمية هذا العلم اعتنى العلماء به قديماً وحديثاً أعظم عناية، فصنفوا فيه المصنفات المختلفة، وبذلوا أقصى جهودهم في تحرير مسائله، وتقرير دلائله وأحكامه، فجاءت مصنفاتهم حاوية لمسائل هذا العلم، وجامعة لشتاته، ومرتبة لمسائله، ومقررة لقواعده، فأحكم بناء هذا العلم، وتيسر تحصيله، وقرب تناوله.
وقد مرّ هذا العلم في تاريخ المسلمين عبر قرون طويلة متباينة، ومراحل مختلفة تعددتْ فيه مدارسُه، وتباينتْ مناهجُه، فكان من الأهمية بمكان دراسة الجوانب التأريخية والمنهجية لهذا العلم من خلال الرصد التأريخي لحالته بالتعرف على أعلامه، والمؤلفات فيه، وتناول أبرزها وأهمها بالدراسة والتحليل؛ للوقوف على مناهج البحث في هذا العلم، والمؤثرات فيه.
ويأتي هذا البحث جزءاً من مشروع علمي طرحه قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض في تاريخ علم أصول الفقه، إذ يعتبر هذا البحث إحدى لبناته، فهو يغطي فترة زمنية -القرن السابع الهجري- الذي يعدُّ من أهم القرون التي مرَّ بها علم الأصول.
(1) موضوع البحث وأهميته:
يمكن إجمال أهمية هذا الموضوع، وأسباب اختياري له من خلال النقاط الآتية:
أ- قيمة هذا البحث، وأهميته العلمية، حيث إن دراسته مختصة بأحد أهم علوم الشريعة، وهو علم أصول الفقه، كما تقدم بيانه.
ب- أنه موضوع يتناول بالدراسة والتحليل علم أصول الفقه في القرن السابع الهجري، وهذه الحقبة من تاريخ هذا العلم لها أهميتها الكبرى من حيث تطوره وتنوع التأليف فيه.
جـ- تميز هذا الموضوع بالجدة، حيث لم يسبق لأحد -حسب علمي- أن تناوله بالتأليف استقلالاً، ومن هنا فدراسة هذا الموضوع تعدُّ إضافة جديدة للمكتبة الأصولية خاصة، والمكتبة الشرعية عامة.
د- أن هذا الموضوع يرصد مرحلة تطور هذا العلم وجوانب الابتكار فيه، ومدى تأثره بغيره من العلوم والفنون، ومدى تأثيره فيها.
هـ- أنه جزء من مشروع علمي تمت الموافقة عليه من قبل القسم المختص، مما ولد لديِّ القناعة بأهميته، وجدوى الكتابة فيه.
– خطة البحث:
يتكون هذا البحث من: مقدمة، وتمهيد، وستة أبواب، وخاتمة.
– المقدمة : وتشمل:
1- موضوع البحث وأهميته.
2- الدراسات السابقة.
3- خطة البحث.
4- المنهج المتبع في إعداد هذه الدراسة.
– تمهيد: ويشتمل على تعريف القرن السابع الهجري.
– الباب الأول: الحالة السياسية والعلمية للعالم الإسلامي في القرن السابع الهجري.
وفيه فصلان:
* الفصل الأول: الحالة السياسية للعالم الإسلامي في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: نبذة موجزة عن حال الخلافة العباسية في القرن السابع الهجري.
وفيه تمهيد وأربعة مطالب:
تمهيد.
المطلب الأول: الخلفاء العباسيون في القرن السابع الهجري.
المطلب الثاني: سقوط بغداد.
المطلب الثالث: إحياء الخلافة العباسية.
المطلب الرابع: الحالة السياسية العامة للخلافة العباسية في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: الحالة السياسية للعالم الإسلامي في القرن السابع الهجري.
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: المشرق في القرن السابع الهجري.
المطلب الثاني: مصر والشام في القرن السابع الهجري.
المطلب الثالث: الحجاز في القرن السابع الهجري.
المطلب الرابع: المغرب والأندلس في القرن السابع الهجري.
* الفصل الثاني: الحالة العلمية للعالم الإسلامي في القرن السابع الهجري.
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: أثر الحالة السياسية على الحالة العلمية في هذا القرن.
المبحث الثاني: حالة العلوم الشرعية في هذا القرن.
وفيه تمهيد وثلاثة مطالب:
المطلب الأول: حالة العلوم الشرعية من حيث المراكز العلمية.
المطلب الثاني: حالة العلوم الشرعية من حيث العلماء والمؤلفات.
المطلب الثالث: حالة العلوم الشرعية من حيث النشاطات العلمية.
المبحث الثالث: حالة علم أصول الفقه في هذا القرن.
– الباب الثاني: أعلام الأصوليين في القرن السابع.
وفيه ثلاثة فصول:
* الفصل الأول: من ذكر له تأليف في أصول الفقه، مع حفظ عنوانه.
* الفصل الثاني: من ذكر له تأليف في أصول الفقه، مع عدم حفظ عنوانه.
* الفصل الثالث: من لم يذكر له تأليف في أصول الفقه.
– الباب الثالث: المؤلفات الأصولية في القرن السابع الهجري.
وفيه ستة فصول:
* الفصل الأول: المتون الأصولية في القرن السابع الهجري.
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: المتون الأصولية على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: المتون الأصولية على منهج الحنفية في ا لقرن السابع الهجري.
المبحث الثالث: المتون الأصولية على منهج الطريقة الجامعة في القرن السابع الهجري.
* الفصل الثاني: المختصرات الأصولية في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: المختصرات الأصولية على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: المختصرات الأصولية على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
* الفصل الثالث: شروح المتون والمختصرات في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: شروح المتون والمختصرات على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: شروح المتون والمختصرات على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
* الفصل الرابع: الحواشي والتعليقات في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الحواشي والتعليقات على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: الحواشي والتعليقات على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
* الفصل الخامس: مختصرات الشروح والحواشي في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: مختصرات الحواشي والتعليقات على منهج الجمهور.
المبحث الثاني: مختصرات الحواشي والتعليقات على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
* الفصل السادس: المصنفات في موضوعات خاصة في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: المصنفات في موضوعات خاصة على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: المصنفات في موضوعات خاصة على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
– الباب الرابع: دراسة تحليلية لأشهر المؤلفات الأصولية في القرن السابع الهجري.
وفيه فصلان:
* الفصل الأول: دراسة تحليلية لأشهر المتون الأصولية في القرن السابع الهجري.
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: دراسة تحليلية لأشهر المتون الأصولية على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: دراسة تحليلية لكتاب: «روضة الناظر وجنة المناظر» للموفق ابن قدامة المقدسي (ت620هـ).
المطلب الثاني: دراسة تحليلية لكتاب: «تنقيح المحصول» للمظفر التبريزي
(ت621هـ).
المطلب الثالث: دراسة تحليلية لكتاب: «الإحكام في أصول الأحكام» لسيف الدين الآمدي (ت631هـ).
المطلب الرابع: دراسة تحليلية لكتاب: «منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل» لأبي عمرو عثمان بن الحاجب
(ت646هـ).
المطلب الخامس: دراسة تحليلية لكتاب: «المسودة لآل تيمية» (ت652-
682هـ).
المطلب السادس: دراسة تحليلية لكتاب: «الحاصل من المحصول» لتاج الدين الأرموي (ت653هـ).
المطلب السابع: دراسة تحليلية لكتاب: «التحصيل من المحصول» لسراج الدين الأرموي (ت682هـ).
المطلب الثامن: دراسة تحليلية لكتاب: «منهاج الوصول إلى علم الأصول» لناصر الدين البيضاوي (ت685هـ).
المبحث الثاني: دراسة تحليلية لأشهر المتون الأصولية على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: دراسة تحليلية لكتاب: «المنتخب في أصول المذهب» لحسام الدين الأخسيكثي (ت644هـ).
المطلب الثاني: دراسة تحليلية لكتاب: «المغني في أصول الفقه» لجلال الدين عمر بن محمد الخبازي (ت691هـ).
المطلب الثالث: دراسة تحليلية لكتاب: «المنار في أصول الفقه» لحافظ الدين النسفي (ت710هـ).
المبحث الثالث: دراسة تحليلية للمتون الأصولية الجامعة في القرن السابع الهجري.
وفيه مطلب واحد:
دراسة تحليلية لكتاب: «نهاية الوصول»، أو «البديع» لابن الساعاتي
(ت 694هـ).
* الفصل الثاني: دراسة تحليلية لأشهر الشروح الأصولية في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان.
المبحث الأول: دراسة تحليلية لأشهر الشروح الأصولية على منهج الجمهور في القرن السابع الهجري.
وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: دراسة تحليلية لكتاب: «التحقيق والبيان في شرح البرهان» لأبي الحسن الأبياري (ت 618هـ).
المطلب الثاني: دراسة تحليلية لكتاب: «شرح المعالم في أصول الفقه» لابن التلمساني (ت 644هـ).
المطلب الثالث: دراسة تحليلية لكتاب: «شرح تنقيح الفصول» لأبي العباس شهاب الدين القرافي (ت 684هـ).
المطلب الرابع: دراسة تحليلية لكتاب: «نفائس الأصول شرح المحصول» لأبي العباس شهاب الدين القرافي (ت 684هـ).
المطلب الخامس: دراسة تحليلية لكتاب: «الكاشف في أصول الفقه» لشمس الدين الأصفهاني (ت 688هـ).
المطلب السادس: دراسة تحليلية لكتاب: «كاشف الرموز ومظهر الكنوز شرح مختصر ابن الحاجب» لضياء الدين عبدالعزيز بن محمد الطوسي الشافعي (ت 706هـ).
المطلب السابع: دراسة تحليلية لكتاب: «شرح مختصر ابن الحاجب» للقطب الشيرازي (ت 710هـ).
المبحث الثاني: دراسة تحليلية لأشهر الشروح الأصولية على منهج الحنفية في القرن السابع الهجري.
وفيه مطلب واحد:
دراسة تحليلية لكتاب: «كشف الأسرار في شرح المنار» لحافظ الدين النسفي (ت710هـ).
– الباب الخامس: المؤثرات العقدية والفلسفية والفقهية في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
وفيه ثلاثة فصول:
* الفصل الأول: المذاهب العقدية المؤثرة في علم أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
وفيه تمهيد وأربعة مباحث:
المبحث الأول: أثر مذهب الأشاعرة في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: اثر مذهب الماتريدية في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
المبحث الثالث: أثر مذهب المعتزلة في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
المبحث الرابع: أثر مذهب أهل السنة والجماعة في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
* الفصل الثاني: المذاهب الفلسفية المؤثرة في علم أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أثر علم المنطق في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
المبحث الثاني: أثر فن الجدل في أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
* الفصل الثالث: المذاهب الفقهية المؤثرة في علم أصول الفقه في القرن السابع الهجري.
وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: أثر المذهب الحنفي في أصول الفقه.
المبحث الثاني: أثر المذهب المالكي في أصول الفقه.
المبحث الثالث: أثر المذهب الشافعي في أصول الفقه.
المبحث الرابع: أثر المذهب الحنبلي في أصول الفقه.
– الباب السادس: خصائص النتاج الأصولي في القرن السابع الهجري.
وفيه أربعة فصول:
* الفصل الأول: خصائص النتاج الأصولي المتعلقة بمناهج التأليف.
* الفصل الثاني: خصائص النتاج الأصولي المتعلقة بالتبويب والترتيب والأسلوب.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الميزات المتعلقة بالتبويب والترتيب.
وفيه تمهيد وثلاثة مطالب:
تمهيد:
المطلب الأول: مجمل الموضوعات الأصولية في مؤلفات هذا القرن.
المطلب الثاني: تبويب وترتيب الموضوعات الأصولية في مؤلفات هذا القرن.
المطلب الثالث: الميزات المتعلقة بالتبويب والترتيب في مؤلفات هذا القرن.
المبحث الثاني: الميزات المتعلقة بالأسلوب.
* الفصل الثالث: خصائص النتاج الأصولي المتعلقة بالاصطلاحات والحدود في القرن السابع.
وفيه تمهيد ومبحثان:
تمهيد:
المبحث الأول: ميزات النتاج الأصولي المتعلقة بالاصطلاحات.
المبحث الثاني: ميزات النتاج الأصولي المتعلقة بالحدود.
* الفصل الرابع: خصائص النتاج الأصولي المتعلقة بالخلاف والاستدلال في القرن السابع الهجري.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: ميزات النتاج الأصولي المتعلقة بالخلاف.
وفيه تمهيد وأربعة مطالب:
المطلب الأول: الميزات المتعلقة بتحرير محل النـزاع.
المطلب الثاني: الميزات المتعلقة ببيان سبب الخلاف.
المطلب الثالث: الميزات المتعلقة بالأقوال.
المطلب الرابع: الميزات المتعلقة ببيان نوع الخلاف وثمرته.
المبحث الثاني: ميزات النتاج الأصولي المتعلقة بالاستدلال.
وفيه تمهيد وثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الميزات المتعلقة بالاستدلال بالمنقول.
المطلب الثاني: الميزات المتعلقة بالاستدلال باللغة.
المطلب الثالث: الميزات المتعلقة بالاستدلال بالمعقول.
– الخاتمة:
وتشتمل على:
1- أبرز وأهم نتائج البحث.
2- المقترحات والتوصيات.