توصل الباحث خلال البحث إلى مجموعة من النتائج وهي:
-
إن التحديات السياسية الإقليمية والدولية فرضت على بلدان الخليج العربي البحث عن صيغة تكامل إقتصادي لمواجهة تلك التحديات، ساعد في ذلك الجوار الجغرافي والمكون البشري المتماثل لهذه البلدان.
-
لقد قطعت دول مجلس التعاون الخليجي شوطاً كبيراً على خطى تحقيق التكامل الاقتصادي و النقدي فيما بينها والتي من أبرزها: إنشاء منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي والإعلان عن بدء العمل بالسوق الخليجية المشتركة اعتباراً من 1/1/2008، وتوقيع اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي من قبل (السعودية – الإمارات – قطر – البحرين – الكويت) واعتماد النظام الأساسي للمجلس النقدي الذي سيمارس مهامه كبنك مركزي خليجي إلى حين الإعلان رسمياً عن ولادة البنك المركزي الخليجي، ولم تلبث الإمارات طويلاً حتى أعلنت انسحابها من الاتفاقية.
-
تتشابه دول مجلس التعاون في كثير من أوضاعها الاقتصادية، فهي دول مفتوحة على الصعيد الدولي، وهي من الدول المصدرة لرأس المال وليست مستوردة له، كما تتميز بتشابه نسبي كبير في مؤشراتها النقدية، إذ تنخفض فيها نسبة العملة المتداولة إلى عرض النقد، عدا سلطنة عُمان، بسبب زيادة الثقة بالنظام المصرفي وقلة حجم السكان وارتفاع الدخول الفردية التي تفيض في كثير من الأحيان عن حاجاتهم المالية، مما يؤدي على رفع نسبة الودائع الكلية لدى الجهاز المصرفي على حساب انخفاض نسبة العملة المتداولة إلى عرض النقد.
كذلك تتشابه في السياسات المالية، حيث تنعدم عموماً ضرائب الدخل، وتنخفض الرسوم الجمركية، ولا تلجأ دول المجلس إلى الجهاز المصرفي من أجل تمويل عجوزات في ميزانياتها، فلا حاجة لحكوماتها إلى الاقتراض من المصارف، بسبب اعتماد ميزانيات هذه الدول على الموارد النفطية التي تعتبر الممول الأساسي لها.
-
إن سياسات الصرف الأجنبي في دول مجلس التعاون تتسم بتشابه ومرونة كبيرين من حيث الارتباط بالعملات الدولية، فقد اعتمد أغلبها –ماعدا الكويت- على مثبتات واحدة، لذلك فقد حافظت معظم عملات دول المجلس على علاقات صرف مستقرة بعضها مع بعض نتيجة لوجود المثبت المشترك.
-
إن ضعف السياسة النقدية في دول مجلس التعاون، وتماثل سياساتها المالية يجعلان الاتفاق على تنسيقها وتوحيدها ثم التخلي عنها لصالح سياسة موحدة مركزية، أمراً سهلاً ولا يفرض عليها تكاليف باهظة.
-
لقد نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في استيفاء عدد واسع من متطلبات تقارب الأداء الاقتصادي والمستوحاة أغلبها من “معايير ماسترخت: التي اعتمدتها أوروبا للوصول إلى وحدتها النقدية وإطلاق اليورو”. وتقاربت إلى حد بعيد في الأداء الاقتصادي باستثناء الإمارات وقطر بالنسبة لمعيار التضخم، والكويت فيما يتعلق بمعيار سعر الصرف، [هذا في حال عادت الإمارات عن قرارها الانسحاب من اتفاقية الاتحاد النقدي].
-
إن حرية حركة عوامل الإنتاج بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتوحد الإنتاج فيها، وتوجهه في الغالب نحو الدول الأجنبية، وانفتاح اقتصاداتها تجاه العالم الخارجي، وضآلة التبادل التجاري بينها، وأهمية عنصر رأس المال النقدي فيها وتوجهه نحو الاستثمار في أسواق النقد و المال الغربية، وتشابه معدلات التضخم فيها نسبياً وعدم تحملها تكاليف باهظة من جراء دخولها الوحدة النقدية، كل هذه العوامل تجعل من دول مجلس التعاون “منطقة عملة مثلى” حقاً، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المعيار الأمثل في تحديد منطقة العملة المثلى في إقليم معين قد لا يكون هو الأمثل في تحديد تلك المنطقة في أقاليم أخرى.
إن الخلافات السياسية الناجمة عن مشكلات الحدود البرية و البحرية تعد أحد أهم مصادر التوتر بين دول المجلس منذ نشأته عام 1981، وعلى الرغم من إنهاء بعض هذه النزاعات الحدودية بالطرق السلمية (قطر والبحرين) و (الإمارات وسلطنة عُمان)، إلا أنه ما تزال هناك مسائل حدودية بقيت عالقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية . وقد لعبت دوراً كبيراً في اتخاذ دولة الإمارات قرارها بالانسحاب من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي. مما يعطي انطباعاً بأن المشكلة الحقيقية أمام التوحد الاقتصادي والنقدي الخليجي تتمثل في الإرادة السياسية بالدرجة الأولى. والقرار السياسي حتى تاريخه غير داعم لخطوات التكامل الاقتصادي بصورة جوهرية.
Share this content: